Ben Azzouz
 
 
اللهم صل على سيدنا محمد الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم
طباعة  أخبر صديقك
[ربنا]   [ديننا]   [نبينا]   [الإمام مالك بن أنس]   [التصوف]   [الطريقة العزوزية]   [أبرياء من الشعوذة]

  [مع مذاهب الإخوة]   [ندائنا لأهل الكتاب]   [لفتة إلى الساسة]    [الرد على الخراشي]
  [الرد على فيصل من تونس ] [تعليق محمد الكامل بن عزوز ]



الرد على فيصل




بسم الله الرحمان الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم

   قال الله تعالى:

( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ )

  

      الرد على فيصللقد أسأت إلى الصوفية بدون أن تعرف عنهم شيئا ، وهذا دأبك لأن معلوماتك محدودة جدا

إعلم أن بن تيمية قد مدح الإمام الجنيد الذي إستنبط الطريقة الصوفية كما مدح أيضا الشيخ عبد القادر الجيلاني رضوان الله عليهم .

فماذا تقول في هذا ؟ و لكن تعصبك و عنادك الأعمى لم يسمح لك أن تعترف بالحقيقة .

           و إنك كفرت الدكتور البوطي بدون أن تعطي السبب لأنه رد على الألباني في عدة كتب ، و كذلك كفرت الإمام الأكبر محي الدين بن العربي بدون أن تفهم كتابته ، و إليك ما جاء في بيان من مدحه و أثنى عليه من العلماء و اعترف له  بالفضل و إني إقتبست هذا من كتاب اليواقيت و الجواهر لقطب الواصلين و إمام العارفين العالم الصمداني سيدي عبد الوهاب الشعراني : كان رضي الله عنه أولا من الموقعين عند بعض ملوك المغرب ثم طرقه طارقا من الله عز و جل فخرج في البراري على وجهه إلى أن نزل في قبر فمكث فيه مدة ثم خرج من القبر يتكلم بهذه العلوم التي نقلت عنه و لم يزل سائحا في الأرض يقيم في كل بلد بحسب الإذن ثم يرحل منها و يخلف ما ألفه من الكتب فيها و كان آخر إقامته بالشام و بهامات سنة ثمان و ثلاثين و ستمائة رضي الله عنه

           و كان رضي الله عنه متقيدا بالكتاب و السنة و يقول : كل من رمى ميزان الشريعة من يده لحظة هلك . و سيأتي قوله و كل ما خطر ببالك فالله تعالى بخلاف ذلك ، و هذا اعتقاد الجماعة إلى قيام الساعة ، و جميع ما لم يفهمه الناس من كلامه إنما هو لعلو مراقيه و جميع ما عارض من كلامه ظاهر الشريعة وما عليه الجمهور فهو مدسوس عليه كما أخبرني بذلك سيدي الشيخ أبو الطاهر المغربي نزيل مكة المشرفة ثم أخرج لي نسخة الفتوحات التي قابلها على نسخة الشيخ التي بخطه في مدينة قونية فلم أر فيها شيئا مما كنت توقفت فيه و حذفته حين اختصرت الفتوحات ، و قد دس الزنادقة تحت وسادة الإمام أحمد بن حنبل في مرض موته عقائد زائفة و لولا أن أصحابه يعلمون منه صحة الاعتقاد لافتتنوا بما وجدوه تحت وسادته.

           و كذلك دسوا على شيخ الإسلام مجد الدين الفيروزابادى  صاحب القاموس كتاب في الرد على أبي حنيفة و تكفيره و دفعوه إلى أبي بكر الخياط اليمني البغوي فأرسل يلوم الشيخ مجد الدين على ذلك فكتب إليه الشيخ مجد الدين إن كان بكفك هذا الكتاب فأحرقه فإنه افتراء من الأعداء و أنا من أعظم المعتقدين في الإمام أبي حنيفة و ذكرت مناقبه في مجلد .

            و كذلك دسوا على الإمام الغزالي عدة مسائل في كتاب الأحياء و ظفر القاضي عياض بنسخة من تلك النسخ فأمر بإحراقها ، و كذلك دسوا علي أنا في كتابي المسمى بالبحر المورود جملة من العقائد الزائفة و أشاعوا تلك العقائد في مصر و مكة نحو ثلاث سنين و أنا بريء منها و كان العلماء كتبوا عليه و أجازوه فما سكنت الفتنة حتى أرسلت إليهم النسخة التي عليها خطوطهم . و كان ممن إنتدب لنصرتي الشيخ الإمام ناصر الدين اللقاني المالكي رضي الله تعالى عنه ثم أن بعض الحسدة

           أشاع في مصر و مكة أن علماء مصر رجعوا عن كتابتهم على مؤلفات فلان كلها فشك في ذلك فأرسلت النسخة للعلماء ثالث مرة فكتبوا تحت خطوطهم كذب و الله من ينسب إلينا أننا رجعنا عن كتاباتنا على هذا الكتاب و غيره من مؤلفات فلان باطل باطل باطل و الله ما رجعت عن ذلك و لا عزمت عليه و لا إعتقدت في مؤلفاته شيئا من الباطل و أنا معتقد صحة مقالته باق على ذلك و أدين الله تعالى بالإعتقاد في صحة كلامه وولايته فلا ينبغي أن يصدق في شيء مما ينسب إلي على ألسنة الذين لا يخشون الله تعالى ، هذا لفضه في آخر نسخة العهود و عقب إجازته التي كتبها أولا، و كتب نحو ذلك أيضا الإمام المحقق الشيخ شهاب الدين الرملي الشافعي رحمه الله تعالى إذا علمت ذلك فيحتمل أن الحسدة دسوا على الشيخ في كتبه كما دسوا في كتبي أنا فإنه أمر قد شاهدته عن أهل عصري في حقي فالله يغفر لنا و لهم آمين .

           و أما من أثنى على الشيخ من العلماء و مدح مؤلفاته فقد كان الشيخ مجد الدين الفيروزابادى صاحب كتاب القاموس في اللغة يقول : لم يبلغنا من أحد من القوم أنه بلغ في علم الشريعة و الحقيقة ما بلغ الشيخ محي الدين أبدا.

           و كان يعتقده غاية الإعتقاد و ينكر على من أنكر عليه و يقول : لم تزل الناس منكبين على الإعتقاد في الشيخ و على كتابة مؤلفاته بحل الذهب في حياته و بعد وفاته إلى أن أراد الله ما أراد من إنتصاب شخص من اليمن إسمه جمال الدين الخياط فكتب مسائل في درج و أرسلها إلى العلماء في بلاد الإسلام و قال هذه عقائد الشيخ محي الدين بن العربي و ذكر فيها عقائد زائفة ومسائل خارقة لإجماع المسلمين ، فكتب العلماء على ذلك بحسب السؤال و شنعوا على من يعتقد ذلك من غير تثبت و الشيخ عن ذلك بمعزل.

           قال الفيروزابادى أوجد إبن الخياط تلك المسائل في كتاب مدسوس عن الشيخ أو فهمها هو من كلام الشيخ محي الدين على خلاف مراده . قال : و الذي أقوله و أتحققه و أدين الله تعالى به أن الشيخ محي الدين كان شيخ الطريقة حالا و علما و إمام التحقيق حقيقة و رسما ومحيي علوم العارفين فعلا و اسما إذا تغلغل فكر المرء في طرف من مجده غرقت فيه خواطره لأنه بحر لا تكدره الدلاء و سحاب لا تتقاصى عنه الأنواء ، كانت دعواته تخرق السبع الطباق و تغترف بركاته فتملأ الآفاق و هو يقينا فوق ما وصفته . وناطق بما كتبته و غالب ظني أنني ما أنصفته .

           قال : و أما كتبه رضي الله عنه فهي البحار الزواخر التي ما وضع الواضعون مثلها ، و من خصائصها ما واضب أحد على مطالعتها إلا و تصدر لحل مشكلة في الدين و معضلات مسائله و هذا الشأن لا يوجد في كتب غيره أبدا.

           قال : و أما قول بعض المنكرين أن كتب الشيخ لا تحل قراءتها و لا إقراؤها فكفر .

           و قال : و قد قدموا لي مرة سؤالا صورته ما تقول في الكتب المنسوبة إلى الشيخ محي الدين بن العربي كالفصوص و الفتوحات هل يحل قراءتها و إقراؤها وهل هي من الكتب المسموعة المقروءة ؟ فأجبت : نعم من الكتب المسموعة المقروءة وقد قرأها عليه الحافظ البرزلي وغيره .

           و كان الشيخ سراج الدين المخزومي شيخ الإسلام بالشام يقول : إياكم و الإنكار على شيء من كلام الشيخ محي الدين فإن لحوم الأولياء مسمومة و هلاك أديان مبغضهم معلومة و من أبغضهم تنصر و مات على ذلك و من أطلق لسانه فيهم بالسب إبتلاه الله بموت القلب ، و كان أبو عبد الله القرشي يقول : من غض من ولى الله عز وجل ضرب في قلبه بسهم مسموم و لم يمت حتى تفسد عقيدته و يخاف عليه من سوء الخاتمة .

           قال الشيخ مجد الدين الفيروزابادى لقد رأيت إجازة بخط الشيخ كتبها للملك الظاهر بيبرس صاحب حلب و رأيت في آخرها و أجزت له أيضا أن يروى عني جميع مؤلفاتي و من جملتها كذا و كذا حتى عد نيفا و أربعمائة مؤلف منها تفسيره الكبير في خمسة و تسعين مجلدا وصل فيه إلى قوله تعالى : " و علمناه من لدنا علما " فاصطفاه الله لحضرته و منها تفسيره الصغير في ثمانية أسفار على طريقة المحققين من المفسرين و منها كتاب الرياض الفردوسية في بيان الأحاديث القدسية فهل يحل لمسلم أن يقول لا تجوز مطالعة كتب الشيخ مطلقا ما ذاك إلا كفر و تعصب و عناد .

           و ممن أثنى عليه أيضا الشيخ كمال الدين الزملكاني رحمه الله و الشيخ صلاح الدين الصفدي في تاريخ علماء مصر .

           و سأل أبو عبد الله الذهبي عن قول الشيخ محي الدين في كتابه الفصوص : أنه ما صنعه إلا بإذن من الحضرة النبوية فقال الحافظ : ما أظن أن مثل هذا الشيخ محي الدين يكذب أصلا مع أن الحافظ الذهبي كان من أشد المنكرين على الشيخ و على الطائفة الصوفية هو و إبن تيمية .

           وممن أثنى عليه أيضا الشيخ قطب الدين الشيرازي و كان يقول : أن الشيخ محي الدين كان كاملا في العلوم الشرعية و الحقيقية و لا يقدح فيه إلا من  لم يفهم كلامه و لم يؤمن به كما لا يقدح في كمال الأنبياء عليهم الصلاة و السلام نسبتهم إلى الجنون و السحر على لسان من لم يؤمن بهم .

           و كان الشيخ مؤيد الدين الخجندي يقول : ما سمعنا بأحد من أهل الطريق إطلع على ما إطلع عليه الشيخ محي الدين و كذلك كان يقول الشيخ شهاب الدين السهروردي و الشيخ كمال الدين الكاش و قال فيه أنه الكامل المحقق صاحب الكمالات و الكرامات مع أن هؤلاء الشيوخ كانوا من أشد الناس إنكارا على من يخالف ظاهر الشريعة .

           و ممن أثنى عليه أيضا الشيخ فخر الدين الرازي و قال كان الشيخ محي الدين وليا عظيما .

           و سئل الإمام محي الدين النووي عن الشيخ محي الدين بن العربي قال : تلك أمة قد خلت و لكن الذي عندنا أنه يحرم على كل عاقل أن يسيء الظن لأحد أولياء الله عز و جل و يجب عليه أن يؤول أقوالهم و أفعالهم ما دام لم يلحق بدرجتهم و لا يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق قال في شرح المهذب ثم إذا أول فليؤول كلامهم إلى سبعين وجها ولا نقبل عنه تأويلا واحدا ما ذاك إلا تعنت إنتهى .

           و ممن أثنى عليه أيضا الإمام إبن أسعد اليافع و صرح لولايته العظمى كما نقل ذلك عن شيخ الإسلام زكريا في شرحه للروض و كان اليافعي يجيز رواية كتب الشيخ محي الدين و يقول إن حكم إنكار هؤلاء الجهلة على أهل الطريق حكم ناموسة نفخت على جبل تريد إزالته من مكانه بنفختها ، قال : و من عادى أولياء الله فكأنما عادى الله و إن كان لم يبلغ حد التكفير الموجب للخلود في النار انتهى .

           و مما أثنى عليه أيضا من مشايخنا محمد المغربي الشاذلي شيخ الجلال السيوطي وترجمه بأنه مربى العارفين كما أن الجنيد مربى المريدين .

           و قال أن الشيخ محي الدين روح التنزلات و الأمداد و ألف الوجود و عين الشهود و هاء المشهود الناهج منهاج النبي العربي قدس الله سره و أعلى في الوجود ذكره انتهى .فقلت و قد صنف الشيخ سراج الدين المخزومي كتابا في الرد عن الشيخ محي الدين و قال كيف يسوغ لأحد من أمثالنا الإنكار على ما لم يفهمه من كلامه في الفتوحات و غيرها و قد وقف على ما فيها نحو من ألف عالم و تلقوها بالقبول .

           قال و قد شرح كتابه الفصوص جماعة من الاعلام الشافعية و غيرهم منهم الشيخ بدر الدين بن جماعة و شاعت كتبه في الأمصار و قرئت شرحا و متنا في غالب البلاد و رويناها بالقراءة الظاهرة في الجامع الأموي و غيره بالإسناد و تغالى الناس قديما و حديثا في شراءها و نسخها و تبركوا بها و بمؤلفها لما كان عليه من الزهد و العلم ومحاسن الأخلاق .

           و كان أئمة عصرهم من علماء الشام و مكة كلهم يعتقدونه و يأخذون عنه و يعدون أنفسهم في بحر علمه و هل ينكر على الشيخ إلا جاهل أو معاند .

           قال الفيروزابادى رحمه الله بعد أن ذكر مناقب الشيخ محي الدين ثم أن الشيخ محي الدين كان مسكنه الشام و قد أخرج هذه العلوم بالشام و لم ينكر عليه أحد من علمائها .

           قال : و قد كان قاضي القضاة الشيخ شمس الدين الخونجي الشافعي يخدمه خدمة العبيد و أما قاضي القضاة المالكي فهبت عليه نظرة من الشيخ فزوجه ابنته و ترك القضاء و تبع طريقة الشيخ .

           و أطال الفيروزابادى في ذكر مناقب الشيخ ثم قال و بالجملة فما أنكر على الشيخ إلا بعض الفقهاء القح الذين لاحظ لهم في شرب المحققين و أما جمهور العلماء و الصوفية فقد أقروا بأنه إمام أهل التحقيق و التوحيد و انه في العلوم الظاهرة فريد وحيد .

           و كان الشيخ عز الدين إبن عبد السلام يقول : ما وقع إنكار من بعضهم على الشيخ إلا رفقا بضعفاء الفقهاء الذين ليس لهم نصيب تام من أحوال الفقراء خوفا أن يفهموا من كلام الشيخ أمرا لا يوافق الشرع فيضلوا و لو أنهم صحبوا الفقراء لعرفوا مصطلحهم و أمنوا من مخالفة الشريعة .

           قال الشيخ "شيخ الإسلام" المخزومي و قد كان الشيخ محي الدين بالشام و جميع علمائها تتردد إليه و يعترفون له بجلالة المقدار و أنه أستاذ المحققين من غير إنكار و قد أقام بين أظهرهم نحوا من ثلاثين سنة يكتبون مؤلفات الشيخ و يتداولونها بينهم انتهى .

           و قال الفيروزابادى : قد كان الشيخ محي الدين بحرا لا سحل له و لما جاور بمكة شرفها الله تعالى كان البلد إذ ذاك مجمع العلماء و المحدثين و كان الشيخ هو المشار إليه بينهم في كل علم تكلموا فيه و كانوا كلهم يتسارعون إلى مجلسه و يتبركون بالحضور بين يديه و يقرؤون عليه تصانيفه قال : و مصنفاته بخزائن مكة إلى الآن أصدق شاهد على ما قلناه و كان أكثر إشتغاله بمكة بسماع الحديث و إسماعه و صنف فيها الفتوحات المكية كتبها عن ظهر قلب جوابا لسؤال سأله عنه تلميذه بدر الحبشى ، و لما فرغ منها وضعها في سطح الكعبة المعظمة فأقامت فيه سنة ثم أنزلها فوجدها كما وضعها لم يبتل منها ورقة و لا لعبت بها الرياح مع كثرة أمطار مكة و رياحها و ما أذن للناس في كتابتها و قراءتها إلا بعد ذلك .

           قال : و أما ما أشاعه بعض المنكرين عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام و عن شيخنا الشيخ سراج الدين البلقيني أنهما أمرا بإحراق كتب الشيخ محي الدين فكذب و زور و لو أنها أحرقت لم يبقى منها الآن بمصر و الشام نسخة و لا كان أحد نسخها بعد كلام هذين الشيخين و حاشاهما من ذلك و لو أن ذلك وقع لم يخفى لأنه من الأمور العظام التي تسير بها الركبان في الآفاق ولتعرض لها أصحاب التواريخ .

           و قال الشيخ سراج الدين المخزومي : كان شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني و كذلك الشيخ تقي الدين السبكي ينكران على الشيخ في بداية أمرهما ثم رجعا عن ذلك حين تحققا كلامه و تأويل مراده و ندما على تفريطهما في حقه في البداية و سلما له الحال فيما أشكل عليهما عند النهاية .

           فمن جملة ما ترجمه الإمام السبكي كان الشيخ محي الدين آية من آيات الله تعالى و أن الفضل في زمانه رمى بمقالده إليه و قال : لا أعرف إلا إياه .

           ومن جملة ما قاله الشيخ سراج الدين البلقيني فيه حين سأل عنه : إياكم و الإنكار على شيء من كلام الشيخ محي الدين فإنه رحمه الله لما خاض في بحار المعرفة لتحقيق الحقائق عبر في آخر عمره في الفصوص و الفتوحات و التنزلات الموصلة و في غيرها بما لا يخفى على من هو في درجته من أهل الإشارات ثم إنه جاء من بعده قوم عمى عن طريقه فغلطوه في ذلك بل كفروه بتلك العبارات و لم يكن عندهم معرفة بإصطلاحه و لا سألوا من يسلك بهم إلى إيضاحه و ذلك أن كلام الشيخ رضي الله عنه تحته رموز و روابط و إشارات و ضوابط و حذف مضافات هي في علمه و علم أمثاله معلومة و عند غيرهم من الجهال مجهولة و لو أنهم نظروا إلى كلماته بدلائلها و تطبيقاتها و عرفوا نتائجها و مقدماتها لنالوا الثمرات المرادة و لم يباين إعتقادهم  إعتقاده .

           قال : و لقد كذب و الله و إفترى من نسبه إلى القول بالحلول و الإتحاد و لم أزل أتتبع كلامه في العقائد و غيرها و أكثر من النظر في أسرار كلامه و روابطه حتى تحققت في معرفة ما هو عليه من الحق ووافقت الجم الغفير المعتقدين له من الخلق و حمدت الله عز و جل إذ لم أكتب في ديوان الغافلين عن مقامه الجاحدين لكراماته و أحواله انتهى كلام الشيخ سراج الدين البلقيني قال تلميذه شيخ الإسلام المخزومي رحمه الله تعالى .

           و لما وردت القاهرة عام توفي شيخنا سراج الدين البلقيني و ذلك في عام أربع و ثمانمائة ذكرت له ما سمعت من بعض أهل الشام في حق الشيخ محي الدين من أنه يقول بالحلول و الإتحاد فقال الشيخ معاذ الله و حاشاه من ذلك إنما هو من أعظم الأئمة وممن سبح في بحار علوم الكتاب و السنة و له اليد العظيمة عند الله و عند القوم و قدم صدق عنده .

           قال المخزومي فقوى بذلك نفسي و كثر إعتقادي في الشيخ من تلك الساعة و علمت أنه من رؤوس أهل السنة و الجماعة .

           قال المخزومي و لقد بلغنا أن الشيخ تقي الدين السبكي تكلم في شرحه للمنهج في حق الشيخ محي الدين بكلمة ثم إستغفر بعد ذلك و ضرب عليها فمن وجدها في بعض النسخ فليضرب عليها كما هو في نسخة المؤلف قال مع أن السبكي قد صنف كتابا في الرد على المجسمة و الرافضة و كتب الأجوبة العلمية في الرد على إبن تيمية .

           و لم يصنف قط شيئا في الرد على الشيخ محي الدين مع شهرة كلامه في الشام و قراءة كتبه في الجامع الأموي و غيره بل كان يقول : ليس الرد على الصوفية مذهبي لعلو مراتبهم .

           ثم قال فمن نقل عن الشيخ تقي الدين السبكي أو عن الشيخ سراج الدين البلقيني أنهما بقيا على إنكارهما على الشيخ محي الدين إلى أن مات فهو مخطئ انتهى .

           و سئل العماد بن كثير رحمه الله تعالى عمن يخطئ الشيخ محي الدين فقال : أخشى أن يكون من يخطؤه هو المخطئ و قد أنكر قوم عليه فوقعوا في المهالك .

           و قد صنف شيخنا الجلال السيوطي كتابا في الرد على الشيخ محي الدين سماه " تنبيه الغبي في تبرئة إبن عربي ".

           ومن ذلك دعوى المنكر أن الشيخ رحمه الله يقول : بجواز إباحة المكث للجنب في المسجد فإن صح ذلك عن الشبخ

           فهو موافق فيه لمولانا عبد الله بن عباس و الإمام أحمد بن حنبل و هو مذهب المزنى و جماعة من التابعين و الفقهاء .

           و من ذلك دعوى المنكر أن الشيخ يقول : الولي أفضل من الرسول فالجواب إن الشيخ لم يقل ذلك و إنما قال إختلف الناس في رسالة النبي وولايته أيهما أفضل و الذي أقول به أن ولايته لشرف المتعلق و دوامهما في الدنيا و الآخرة بخلاف الرسالة فإنهما تتعلق بالخلق و تنقضي بإنقضاء التكليف انتهى ووافقه على ذلك الشيخ عز الدين إبن عبد السلام فالكلام في رسالة النبي مع ولايته لا في رسالته و نبوته مع ولاية غيره فافهم.

           و بقي مسائل كثيرة نسبت للشيخ كلها إفتراء و كذب عليه ......

           ومن كلام الشيخ العلامة الخضر حسين "رحلته الشرقية " و قصدت إلى مقام الأستاذ الشهير الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه في بناءات تسمى (الصالحية ) تتصل بطرف دمشق و قرأت على ضريحه رسما به بيتان يحتوي ثانيهما على تاريخ و فاته و هو :

إن سألتم متى توفي حميدا * قلت أرخت مات قطب همام

           و يرى الزائر بجانب منه ضريح الأمير عبد القادر الجزائري

           و كان لهذا الأمير صبابة بفتوحات الشيخ إبن عربي أنه أرسل عالمين من علماء دمشق إلى (قونية ) لتصحيح نسخة الفتوحات و مقابلتها على النسخة التي حفظت هناك و عليها خط يد المؤلف نفسه ....أوردت هنا الكلام على الشيخ إبن عربي مختصرا ، لأن الكلام الشائع عليه غير معقول فإن بعض الدكاترة و لا أقول علماء كفروه و نسبوا له و للصوفية كلام غريب مما يدل على الحسد الذي يغمرهم و آخرون تبعوا الكتب المزيفة و علقوا عليها و المطلوب من علمائنا أي الصوفية أن يتصدوا لهم .

                                   حقائق الصوفية 

           و جاء في المبحث الثامن و الأربعون في بيان أن جميع أئمة الصوفية على هدى من ربهم و أن طريقة الإمام أبى القاسم الجنيد رضي الله عنه أقوم طرق القوم كلها لتحريرها على الشريعة تحرير الجوهر .

           أعلم أن حقيقة الصوفي فقيه عمل بعلمه لا غير فأورثه الله تعالى بعلمه الإطلاع على دقائق الشريعة و أسرارها حتى صار أحدهم مجتهدا في الطريق و الأسرار كما هو شأن الأئمة المجتهدين في الفروع الشرعية و لذلك شرعوا في الطريق واجبات و محرمات و مندوبات و مكروهات و خلاف الأولى زائد على ما صرحت به الشريعة كما إستنبط المجتهدون نظير ذلك و أبطلوا أي مجتهدوا القوم العبادات و العقود بالإخلال بما أوجبوه و شرطوه أو بإرتكاب ما حرموه هذا شأنهم رضي الله عنهم فما من أحد منهم حق له قدم الولاية وهو مجتهد في الطريق ليس عنده تقليد إلا لما صرحت به الشريعة أو أجمع عليه الأمة فقط فمن أدعى مقام الكمال و هو مقلد لعالم فهو غير صادق .

           وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول مرارا : لا يكمل الرجل عندنا في الطريق حتى يأخذ العلم من حيث أخذه المجتهدون .

           ثم مما إختص به الصوفية عن غيرهم علمهم بالطريق الموصلة لهم إلى العمل بالكتاب و السنة ، فإذا قلت لهم أن مقصودي أن أزهد في الدنيا بحيث لا يبقى عندي ميل عادي لها يقولون لك أكثر من ذكر الله تعالى ليلا و نهارا حتى يرقى حجابك فتدرك الآخرة بعين بصيرتك و تنظر ما لمن يزهد في الدنيا من الدرجات و النعيم كما وقع لإبراهيم بن أدهم رضي الله عنه فإذا رأيت ذلك زهدت لا محالة في الدنيا و لو قال لك جمهور الناس أرغب في الدنيا لا تصغي لهم و لو أنك يا أخي قلت ذلك لعالم لقال لك أن الله تعالى أمرك أن تزهد لا غير و لا يهتدي للطريق إلى ذلك فحكمه حكم طبيب يحفظ كتابا في الطب و لا يعرف علاج المرض فعلم أن سبب إنكار بعض الناس على الصوفية إنما هو لدقة مداركهم و لو أن المنكر لزم الأدب لسلم للقوم كل ما خالف فهمه مما لم يعارض كتابا و لا سنة و لا إجماعا و قد رأيت في كتاب الرعاية للشيخ عز الدين بن عبد السلام سلطان العلماء بمصر في عصره ما نصه كل الناس قعدوا على رسوم الشريعة و قعد الصوفية على قواعدها التي لا تتزلزل .

           قال و يؤيد ذلك ما يقع على يدهم من الكرامات و الخوارق و لا يقع ذلك قط على يد عالم و لو بلغ في العلم ما بلغ إلا أن سلك طريقهم انتهى .

           و قد بلغنا أنه كان يقول قبل ذلك : و هل ثمة طريق للشريعة غير ما بأيدينا من النقول ثم يقول : من زعم أنه ثم علما باطنا للشريعة غير ما بأيدينا فهو باطل يقارب الزنديق ، فلما أجتمع بالشيخ أبي الحسن الشاذلي بمصر المحروسة و أخذ عنه صار يمدح طريق القوم كل المدح و يقول إنها طريق جمعت أخلاق المرسلين .

           وكان يقول حجة الإسلام الغزالي رحمه الله ما كان يقول الشيخ عز الدين أولا فلما إجتمع بالصوفية و ذاق طريقهم صار يقول ضيعنا عمرنا  في البطالة أي في الإشتغال بالعلم على طريق أهل الجدال من غلبة القول على العمل و الحق أن الإشتغال بالفقه ليس هو ببطالة إنما هو أساس للطريق فإن من شأن أهل الطريق أن يكون جميع حركاتهم و سكناتهم محررة على الكتاب و السنة و لا يعرف ذلك إلا بالتبحر في علم الحديث و الفقه و التفسير فقول الغزالي أن الإشتغال بالفقه بطالة إنما هو كلام صدر حال عشقه في الطريق .

           و العاشق حكمه حكم السكران و لو أنه تأمل في حاله لعرف ما قلنا من أن الفقه أساس الطريق و أن غاية الصوفي أنه عالم عمل بعلمه لا غير .

           و قد كان سيدي إبراهيم الدسوقي رحمه الله يقول : لو أن الفقيه أتى العبادات و المأمورات الشرعية بغير علة كما أمره الله تعالى لاستغنى عن الشيخ و لكنه أتى العبادات بعلل و أمراض فلذلك أحتاج إلى طبيب يداويه حتى يحصل له الشفاء و من هنا استغنى التابعون عن الخلوة و الرياضة كما عليه تلامذة الأشياخ و لم ينقل عن أحد منهم أنه دون شيئا في علاج الأمراض الباطنة لعدمها في عصرهم أو قلتها جدا حتى لا تكاد توجد و كان معظم إجتهادهم إنما هو في جمع أحاديث الشريفة و المطابقة بينها و بين الكتاب العزيز و هذا أهم بيقين من إشتغالهم بعلاج أمراض لعلها لا توجد و قد حصل بذلك الجواب عن قول من قال لأي شيء لم يدون الأئمة المجتهدون شيئا في علم التصوف أو يشتغلوا بالذكر لتنجلى قلوبهم كما يفعل الصوفية فإنه لا يقول عاقل قط عن أحد يعني من الأئمة أنه يعلم من نفسه عجبا أو رياء أو غلا أو حقدا أو مكرا أو خديعة و لا يجاهد نفسه أبدا و لو أنهم علموا أن فيهم شيئا من ذلك لقدموا علاجا على سائر الأعمال من باب ما لا يتم لواجب إلا به فهو واجب " و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة " فافهم .

           فقد بان لك أن سائر أئمة الصوفية على هدى من ربهم كالأئمة المجتهدين و أنه لا ينبغي لأحد أن ينكر عليهم كلامهم إلا بعد أن يدخل طريقهم و يعرف مصطلحهم من شطح عن ظاهر الشريعة إنما هو دخيل فيهم أو أغلب عليه حال أو كان مبتدئا في الطريق و أما الكاملون كالجنيد و أضرابه فطريقهم محررة على الأدب تحرير الذهب إذ هم حماة الدين رضي الله عنهم أجمعين .

           و إنما خصصنا كغيرنا طريق الشيخ أبي القاسم الجنيد بمزيد التقويم و إن كل من سلكها نجا لأنها كما قال الجلال المحلى و غيره طريق خال عن البدع دائر على التسليم و التفويض لله تعالى و التبرى من حظوظ النفس و هذا من أصح الطرق فهي كطريق الشيخ أبي الحسن الأشعري في العقائد الدينية و لذلك قالوا و نعتقد أن طريق الشيخ أبي الحسن الأشعري في العقائد الدينية طريق مثلى لكونها بين التفريط و الإفراط ، قال الجلال المحلى و لا التفات إلى من تكلم في الشيخ أبي الحسن من أهل الزيغ و يكفينا في إمامته و جلالته أكباب علماء الإسلام من أهل التفسير و الحديث و الفقه و الأصول على الإعتماد على قوله في العقائد وكذلك يكفينا في إمامة أبي القاسم الجنيد رحمه الله إجماع الناس كلهم على جلالته و قولهم أنه سيد الطائفة كلها علما و عملا و هو جدير بذلك و قد كان يقول : علمنا هذا مشيد بالكتاب و السنة انتهى .

           و إنما لم يذكر القياس و الإجماع لأن القياس و الإجماع إنما تعلم دلالتها إذا وافقا قواعد الكتاب و السنة .

           و كان يقول أيضا إذا رأيتم شخصا متربعا في الهواء فلا تلتفتوا إليه إلا إن رأيتموه مقيدا بالكتاب و السنة .

                     و كان يقول: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم.

           و كان يقول : لو كنت حاكما لضربت عنق من سمعته يقول : لا موجود إلا الله أو ليس لي فعل مع الله لأن ظاهر كلامه نفى غير الله و هدم أحكام التكاليف كلها .

           قال الجلال المحلى و غيره و لا التفات إلى من رمى الشيخ الجنيد في جملة من بالزندقة من الصوفية عند الخليفة جعفر المقتدر بالله تعالى حتى أنه أمر بضرب أعناقهم و قد بلغنا أنهم كلهم أمسكوا إلا الجنيد مع أنه شيخ الجماعة و ذلك لأنه كان يستر كلام أهل الطريق عمن ليس منهم و كان يتستر بالفقه و الإفتاء على مذهب أبي ثور ، و كان إذا تكلم في علوم القوم أغلق باب داره و جعل مفتاحه تحت وركه و كذلك بلغنا عن الحسن البصري رضي الله عنه و كانا يقولان أتحبون أن يرمي أولياء الله بالزندقة زورا و بهتانا عند من لا يعرف إصطلاحهم و لم يبلغنا قط عن الجنيد أنه تكلم بشيء من الشطح كما نقل عن أبي يزيد و غيره كل ذلك لكماله قال الجلال المحلى ولما بسط النطع لضرب أعناق الصوفية الذين أمسكوا تقدم من آخرهم الشيخ أبو الحسن الموري و قال للسياف : اضرب عنقي قبل أصحابي فقال له السياف لم ذلك ؟ فقال لأوثر أصحابي بحياة ساعة فبهت السياف و أنهى الأمر إلى الخليفة فردهم إلى القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي فسأل النوري عن مسائل فقهية فأجابه عنها ثم قال: و بعد فان لله عبادا إذا قاموا قاموا لله و إذا نطقوا نطقوا بالله فقبل القاضي قوله و أرسل يقول للخليفة : إن كان هؤلاء زنادقة فليس على وجه الأرض مسلم فخلى الخليفة سبيلهم رضي الله عنهم أجمعين .

           و حكى إبن أيمن في رسالته عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه كان في أول أمره ينهى ولده عن مجالسة الصوفية حتى نزل عليه جماعة منهم في الليل من الهواء فسألوه عن مسائل في الشريعة حتى أعجزوه ثم صعدوا في الهواء فمن ذلك الوقت و هو يقول لولده عليك بمجالسة الصوفية فإنهم أدركوا من خشية الله و أسرار شريعته ما لم تدركه ، وكان إذا عجز عن جواب مسألة يقول للشيخ أبى حمزة البغدادي : ماذا تقول في هذا يا صوفي فإذا أجابه بشيء أخذ به .

           و حكى القشيري عن إبن سريج أنه كان ينكر على الجنيد فتنكر يوما و حضر مجلس الجنيد و هو لا يشعر فلما انصرف الجنيد قالوا لإبن سريج ماذا رأيت في كلام هذا الرجل،فقال لم أفهم من كلامه شيئا إلا أن صولة الكلام ليست بصولة مبطل فعلم أن الإنكار لم يزل في العلماء على الصوفية في كل عصر لدقة مداركهم لا لخروجهم عن الشريعة في نفس الأمر معاذ الله أن تقع الأولياء في ذلك و إن جاز ذلك في حقهم ....

           بعد هذا البيان في حق أسيادك الصوفيين يتضح جليا أن كلامك باطل.

           و لا عمري أن الضلال يأتي منه الخير .

           و قال الشيخ  الشعراني في كتابه الميزان الكبرى الشعرانية : و قد بلغنا أنه كان يفتى الناس بالمذاهب الأربعة الشيخ الإمام الفقيه المحدث المفسر الأصولي الشيخ عبد العزيز الديريني ، و شيخ الإسلام عز الدين بن جماعة المقدسي و الشيخ العلامة شهاب الدين البرلسي الشهير بابن الاقطيع رحمهم الله و الشيخ علي النبتيتي الضرير .

           و نقل الشيخ الجلال السيوطي رحمه الله عن جماعة كثيرة من العلماء أنهم كانوا يفتون الناس بالمذاهب الأربعة لاسيما العوام الذين لا يتقيدون بمذهب و لا يعرفون قواعده و لا نصوصه و يقولون حيث وافق فعل هؤلاء العوام قول عالم فلا بأس به .

           ما جاء في أفضلية حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم و حكم من فضل عليه من كتاب العقائد للشيخ عليش مفتي السادة المالكية : السؤال ماذا تقول في سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم هل هناك مخلوقا أفضل منه صلى الله عليه و سلم و ما الحكم فيه ؟ فأجبت بما نصه : الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد أفضل خلق الله ، أجمع المسلمون على أن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أفضل من باقي المخلوقين من الإنس و الملائكة و الجن و شاعت أفضليته و ذاعت و صارت كالمعلومات الضرورية حتى عند العوام فإن المؤذنين يصرخون بها على المآذن ليلا و نهارا و صباحا و مساء و المداحين كذلك في الأزقة و الطرق ، و دلائل الخيرات مشحونة بذلك و نسخها كثيرة و قراءتها في مساجد الجماعات برفع الأصوات شهيرة ، فيجب على كل مكلف إعتقادها و من لم يعتقدها و جحدها بعد التعليم فهو كافر مرتد فيستتاب ثلاثة أيام فإن تاب نجا و إلا قتل بالسيف ، قال النووي : لا بد من إعتقاد التفضيل مفيدة لوجوبه ، و قال الشيخ عبد السلام في هداية المريد لجوهرة التوحيد : الظاهر أن هذا الحكم واجب الإعتقاد على كل مكلف على ما يؤخذ من ظاهر كلامهم و صرح به بعضهم و لفظ النووي و لا بد من إعتقاد التفضيل انتهى .

           و لا شك في عصيان منكره و تبديعه و تأديبه و انظر ما وراء ذلك انتهى .

           قال اليوسى ما ذكره الزمخشري بينه و بين جبريل لا يعتد به و لا ينبغي ذكره فاقل الواجب على ولاة الأمور تهديده و تأديبه و حبسه حتى تظهر توبته  ردعا له و لأمثاله و صيانة لهذا الجناب الشريف و المقام المنيف .

           و لأن أمته أفضل الأمم لقوله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس" و كذلك "جعلناكم أمة وسطا "

           أي عدولا و خيارا و لا شك أن خيرية الأمم إنما هي بحسب كمالها في الدين و ذلك تابع لكمال نبيها الذي تبعته فتفضيلها تفضيل له .

           و أما قوله عليه السلام " لا تخيروني على موسى و لا تفضلوا بين الأنبياء " و نحوه فمعناه لا تخيروني تخيير مفاضلة و لا يحتاج إلى أنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل لأنه مجرد إحتمال كما قاله ابن اقبرس و يحتمل أنه قاله تأدبا و تواضعا فالواجب على كل مكلف اعتقاد أنه صلى الله عليه و سلم أفضل الجميع .

           كلام الأفضلية إقتبسته من كتاب العقائد .

           شرح العلامة الشيخ محمد عليش على المنظومة المقرية المسماة إضاءة الدجنة في إعتقاد أهل السنة (الهامش ) .

           ومن كتاب اليواقيت و الجواهر لقطب الواصلين و إمام العارفين العالم الصمداني سيدي عبد الوهاب الشعراني ص 198 – قال : و اعلم يا أخي أن القول بتفضيل الملائكة على خواص البشر قد نسب للشيخ محي الدين و هو الذي رأيته في نسخ الفتوحات بمصر و قد قدمنا في الخطبة أن نسخ مصر مما دس فيه على الشيخ ، و الذي رأيته في النسخة المقابلة على نسخة الشيخ المروية عنه بالإسناد أن خواص البشر أفضل من خواص الملائكة و يؤيد ما قاله الشيخ من شعر أول الباب الثالث و الثمانين و ثلاثمائة من تفضيل محمد صلى الله عليه و سلم على خواص الملائكة بعد كلام طويل :

           و ليس يدرك ما قلنا سوى رجل * قد جاوز الملأ العلوى و الرسلا

           ذاك الرسول رسول الله أحمدنا * رب الوسيلة في أوصافه كملا

           فإياك أن تنسب إلى الشيخ القول بمذهب أهل الإعتزال الشامل لتفضيل الملك على رسول الله صلى الله عليه و سلم .

فإنك ذكرت بأن الألباني سئل في ذلك فأجاب : هناك حديث يشعر بأن الملائكة هم خيرة الله من عباده. هل يا ترى يعيد هذا الجواب حين يسأل يوم القيامة ؟ فإنه ينفذ فيه الحكم الرباني.

           و اعلم أنه جاء في الحديث الشريف :" المرء يحشر مع من يحب " و انك لم تحسد على الضلال الذي تسبح فيه :

و لا زلت في كلامي بأن كل ما ذكرته فهو باطل و مردود عليك .

           و أما أفضلية سيدنا محمد على الملائكة فهي من كتاب الحاوي للفتاوى للحافظ جلال الدين السيوطي ج2 ص 317. تحت عنوان تزيين الأرائك في إرسال النبي صلى الله عليه و سلم  إلى الملائك .

           مسالة : ما تقولون في قول العلماء أنه صلى الله عليه و سلم لم يبعث إلى الملائكة و في قول الحافظ زين الدين العراقي إن السماء ليست محلا للتكليف و قد أشكل ذلك بأمور منها قوله صلى الله عليه و سلم : " و أرسلت إلى الخلق كافة " و الخلق يعم الإنس و الجن و الملائكة فان فسر بالثقلين فقط فما المخصص و قوله تعالى ( ليكون للعالمين نذيرا ) و العالم يعم بالملائكة و قوله ( و أوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به و من بلغ ) و قد بلغ الملائكة .

           و قد ورد أن الملائكة لا يفترون عن عبادة ربهم وورد صريحا أنهم يتعبدون بعبادات هذه الأمة كحديث ابن عمر أن أهل السماء لا يسمعون من أهل الأرض إلا الآذان و حديث سلمان " إذا كان الرجل في أرض فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان فإذا أذن و أقام صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه و يسجدون بسجوده و يؤمنون على دعائه و قد قاتلت الملائكة الكفار و تحضر صلاة الجمعة و غير ذلك مما يطول أشكل ذلك.

           الجواب :

           -الحمد لله و سلام على عباده الذين اصطفى.سألت أكرمك الله فأحسنت غاية الإحسان و أوردت فأتقنت كل الإتقان و أنا أجيبك عن ذلك بجوابين أحدهما جدلي و الآخر تحقيقي .

           أما الجواب الجدلي : فقولك الخلق يعم و العالمين يعم و من بلغ يعم جوابه انه من العام المخصوص أو المراد به الخصوص و قولك ما هو المخصص جوابه أن مستنده الإجماع الذي أدعاه من ادعى ، و قولك ورد أنهم لا يفترون جوابه منع الملازمة بينه و بين المدعى الذي هو بعثته إليهم لأن عبادتهم تكون بالأخذ عن ربهم أو بإرسال ملك من جنسهم إليهم كجبريل أو إسرافيل أو غيرهما قال تعالى ( الله يصطفى من الملائكة رسلا و من الناس و قال تعالى ( قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ) و قولك ورد صريحا  أنهم يتعبدون بعبادات هذه الأمة ثم أوردت حديث ابن عمر و ليس فيه دلالة فضلا عن صراحة لأن أكثر ما فيه أنهم يسمعون الآذان و ليس فيه أنهم يتعبدون به ، و حديث سلمان ظاهر فيما ذكرت مع أنه يمكن أن لا يكون ذلك صادرا عن بعثته إليهم كما تقدم و قولك و قد قاتلت الملائكة الكفار فيه أيضا ما تقدم من عدم الملازمة مع أنها لم تقاتل إلا في بدر خاصة و قولك وتحضر صلاة الجمعة إنما حضرت لكتابة الحاضرين عل طبقات مجيئهم و ذلك من التكليفات الكونية التي هي وظيفة الملائكة لا الشرعية التي بعثت بها الرسل هذا آخر الجواب الجدلي .

           و أما الجواب التحقيقي فاعلم أن العلماء اختلفوا في بعثة النبي صلى الله عليه و سلم إلى الملائكة على قولين .

أحدهما أنه لم يكن مبعوثا إليهم و بهذا جزم الحليمي و البيهقي كلاهما من أئمة أصحابنا و محمود بن حمزة الكرماني في كتابه العجائب و الغرائب و هو من أئمة الحنفية .

           و نقل البرهان النسفى و الفخر الرازي في تفسيرهما الإجماع عليه و جزم به من المتأخرين الحافظ زين الدين العراقي في نكته على إبن الصلاح .

           و الشيخ جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع وتبعتهما في كتابي شرح التقريب في الحديث و شرح الكوكب الساطع في الأصول.

           و القول الثاني أنه كان مبعوثا إليهم و هذا القول رجحته في كتاب الخصائص.

           و قد رجحه قبلي الشيخ تقي الدين السبكي و زاد أنه صلى الله عليه و سلم مرسل إلى جميع الأنبياء و الأمم السابقة و أن قوله "بعثت إلى الناس كافة "شامل لهم من لدن آدم إلى قيام الساعة و رجحه أيضا البارزي وزاد أنه مرسل إلى جميع الحيوانات و الجمادات و استدل بشهادة الضب و شهادة الحجر و الشجر له و أزيد على ذلك أنه مرسل إلى نفسه .

           ثم تطرق إلى ذكر الأدلة التي أخذت منها إرساله إلى الملائكة :

           هي قسمان ما يدل بطريق العموم و ما يدل بطريق الخصوص : فالذي يدل بطريق العموم قوله تعالى " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا " . و العالمون شامل للملائكة كما هو شامل للإنس و الجن و قد أجمع المفسرون على أن قوله تعالى : " الحمد لله رب العالمين " شامل لهؤلاء الثلاثة ، فكذلك هذا و الأصل بقاء اللفظ على عمومه حتى يدل الدليل على إخراج شيء منه و لم يدل هنا دليل على إخراج الملائكة و لا سبيل إلى وجوده لا من القرآن و لا من الحديث . و قد نوزع من إدعى الإجماع في هذه الدعوى فمن أين تخصيصه بالإنس و الجن فقط دون الملائكة وكذا قوله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "فإنه أيضا شامل للملائكة. و ذكر صاحب الشفا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لجبريل هل أصابك من هذه الرحمة شيء قال : نعم كنت أخشى العاقبة فآمنت لثناء الله علي في القرآن بقوله "( ذي قوة عند ذي العرش مكين )" . إلا أن هذا الحديث لم يوقف له على إسناد.

           و أما ما يدل بالخصوص فقد إستنبطت أدلة لم أسبق إليها :

الدليل الأول : و هو أقواها قوله تعالى " (و قالوا اتخذ الرحمان و لدا سبحانه بل عباد مكرمون )"– يعني الملائكة- لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون" يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يشفعون إلا لمن أرتضى و هم من خشيته مشفقون " ثم قال " (و من يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم )"و أخرج إبن أبي حاتم عن الضحاك في قوله و من يقل منهم قال :يعني من الملائكة .

و أخرج إبن المنذر عن إبن جريج في قوله : و من يقل منهم إني إله من دونه قال الملائكة .

و أخرج إبن المنذر و ابن حاتم و ابن مردوية و البهقي في دلائل النبوة عن ابن عباس قال : إن الله قال لأهل السماء و من يقل منهم إني إله من دونه فذلك تجزيه جهنم ،فهذه الآية إنذار للملائكة على لسان النبي صلى الله عليه و سلم في القرآن الذي انزل عليه و قد قال تعالى :( و أوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به و من بلغ ) فثبت بذلك إرساله إليهم و لم أقف إلى الآن على إنذار وقع في القران للملائكة سوى هذه الآية و الحكمة في ذلك واضحة لان غالب المعاصي راجعة إلى البطن و الفرج و ذلك ممتنع عليهم من حيث الخلقة فاستغنى عن إنذارهم فيه .

و لما وقع من إبليس و كان منهم أو فيهم نظير هذه المعصية انذروا فيها .

نعم وقع في القرآن آية أخرى بسببهم لكنها من باب الأخبار لا الإنذار المحض و هي قوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال لما نزلت ( كل من عليها فان ) قالت الملائكة هلك أهل الأرض فلما نزلت ( كل نفس ذائقة الموت ) قالت الملائكة هلك كل نفس ، فلما نزلت ( كل نفس هالك إلا وجهه ) قالت الملائكة هلك أهل السماء و أهل الأرض .

الدليل الثاني : ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن عكرمة قال : صفوف أهل الأرض على صفوف أهل السماء فإذا وافق آمين في الأرض آمين في السماء غفر لعبد .

هذا يدل على أن الملائكة في السماء تصلى بصلاة أهل الأرض .

و يرشحه ما أخرجه مالك و الشافعي و أحمد و الأئمة الستة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه .

الدليل الثالث : ما أخرجه أبو الشيخ بن حبان في كتاب العظمة من طريق الليث قال حدثني خالد عن سعيد قال بلغنا أن إسرافيل مؤذن أهل السماء يسمع تأذينه من في السماوات السبع و من في الأرضين إلا الجن و الإنس ثم يتقدم بهم عظيم الملائكة يصلي بهم . قال و بلغنا أن ميكائيل يؤم الملائكة في البيت المعمور .

هذا يدل على أن الملائكة يؤذنون أذاننا و يصلون صلاتنا .

الدليل الرابع : ما أخرجه سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه دخل المسجد لصلاة الفجر فإذا قوم قد أسندوا ظهرهم إلى القبلة فقال :هكذا عن وجوه الملائكة ثم قال لا تحولوا بين الملائكة و بين صلاتها فإن هذه الركعتين صلاة الملائكة إن الملائكة تصلي في السحر في مقدم المسجد.دلت هذه الآثار على أن الملائكة تصلي في السحر في مقدم المسجد.دلت هذه الآثار على أن الملائكة تصلي في جماعتنا صلاة الفجر  وتحضرها في مساجدنا،ويرشحه ما أخرجه البخاري و مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :تجتمع ملائكة الليل و ملائكة النهار في صلاة الفجر،يقول أبو هريرة:إقرؤوا إن شئتم "وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا..."

الدليل الخامس: ما أخرجه سعيد بن منصور و ابن أبي شيبة و البيهقي في سننه عن سلمان الفارسي موقوفا،البيهقي من وجه أخر عن سلمان مرفوعا قال:إذا كان الرجل في ارض فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان فان أذن و أقام صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده

الدليل السادس: ما أخرجه البزار عن علي قال:لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبريل بدابة يقال لها البراق فذكر الحديث الى أن قال:خرج ملك من الحجاب فقال الملك الله الله أكبرالى أن قال أشهد أن محمدا رسول الله الى أن قال ثم أخذ الملك بيد محمد صلى الله عليه وسلم فقدمه فأم أهل السماء فيومئذ أكمل الله لمحمد صلى الله عليه و سلم الشرف على أهل السماوات والأرض.وأخرج أبو نعيم في دلائل النبوة عن محمد بن الحنفية مثله قال الملك حي على الصلاة فقال الله صدق عبدي دعا إلى فريضتي إلى  أن قال ثم قيل لرسول الله صلى الله عليه و سلم تقدم فتقدم فأم أهل السماء فتم له شرفه على سائر الخلق.في هذا دلالة على إرساله إلى الملائكة من أربعة أوجه

الأول : شهادة الملك له بالرسالة مطلقا حيث قال : أشهد أن محمدا رسول الله ،

الثاني : قول الله في دعاء الملك إلى الصلاة دعا إلى فريضة فإن ذلك يدل على أنها فريضتي على أهل السماء ، كما فرضت على أهل الأرض .

الثالث : إمامته لأهل السموات و صلاة الملائكة بأسرهم خلفه و ذلك دليل على إتباعهم له و كونهم من جملة أتباعه .

الرابع : قوله فيومئذ أكمل الله لمحمد الشرف على أهل السموات و إكمال الشرف له ببعثه إليهم و كونهم إتباعا له و كأنه في هذا أرسل إليهم و لم يكن أرسل إليهم قبل ذلك.

و يرشح ذلك أمر خامس و هو القرآن بين أهل السماء و أهل الأرض في الذكر فكما كان شرفه على أهل الأرض بإرساله إليهم أجمعين فذلك شرفه على أهل السموات بإرساله إليهم أجمعين . وكذا قوله في الرواية الأخرى فتم له شرفه على سائر الخلق و سائر في اللغة بمعنى الباقي فكان معنى الحديث أنه كان له الشرف على الثقلين بإرساله إليهم و لم يكن أرسل إلى الملائكة فلما أرسل إليهم تم له الشرف على من بقى من الخلق و هم الملائكة. و أخرج ابن مردوية عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أسرى بي إلى السماء أذن جبريل فظنت الملائكة أنه يصلي بهم فقدمني فصليت بالملائكة .

الدليل السابع : ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  نزل آدم بالهند و أستوحش فنزل جبريل فنادى بالآذان الله اكبر الله اكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين . فهذه شهادة من جبريل برسالة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم و علمها لآدم فدل ذلك على انه صلى الله عليه وسلم رسول إلى الأنبياء و الملائكة معا

الدليل الثامن : ما ورد من حديث عمر بن الخطاب و انس و جابر و إبن عباس و ابن عمر و أبي الدرداء و أبى هريرة و غيرهم أن النبي  صلى الله عليه وسلم أخبر أنه مكتوب على العرش و على كل سماء و على باب الجنة و على أوراق شجر الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كتب ذلك في الملكوت إلا على دون أسماء سائر الأنبياء إلا لتشهد به الملائكة و كونه مرسلا إليهم . و قد اخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار أن آدم أوصى ابنه شيث فقال : كلما  ذكرت الله فاذكر جنبه إسم محمد فإني رأيت إسمه مكتوبا على ساق العرش و أنا بين الروح و الطين ثم إني طرفت فلم أر في السماء موضعا إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه و لم أر في الجنة قصرا و لا غرفة إلا إسم محمد مكتوبا عليه و لقد رأيت إسم محمد مكتوبا على نحور الحور العين و على ورق قصب آجام الجنة و على ورق شجرة طوبى و على ورقة سدرة المنتهى و على أطراف الحجب و بين أعين الملائكة فأكثر ذكره فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها . فهذا يدل على أنه نبي الملائكة حيث لم تغفل عن ذكره . و إستفدنا من هذا الأثر فائدة لطيفة و هو  صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الحور العين و الولدان ووضع بذلك انه لم يدخل الجنة احد و لم يستقر بها ممن خلق فيها إلا من آمن به صلى الله عليه وسلم و لعل من جملة فوائد الإسراء و دخوله إلى الجنة تبليغ جميع من في السموات من الملائكة و من في الجنات من الحور و الولدان و من في البرزخ من الأنبياء رسالته ليؤمنوا به و يصدقوه ، مشافهة في زمنه بعد أن كانوا مؤمنين به قبل وجوده.

الدليل التاسع : قد صرح السبكي في تأليف له بأنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى جميع الأنبياء آدم فمن بعده ، و انه صلى الله عليه وسلم نبي عليهم و رسول إلى جميعهم و إستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم " كنت نبيا و آدم بين الروح و الجسد و قوله صلى الله عليه وسلم بعثت إلى الناس كافة قال : و لهذا أخذ الله المواثيق له على الأنبياء كما قال الله تعالى * و إذ اخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال أأقررتم و أخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فأشهدوا و انأ معكم من الشاهدين * قلت : أخرج ابن أبي حاتم عن السدى في الآية قال لم يبعث نبي قط من لدن نوح إلا أخذ الله ميثاقه ليؤمنن بمحمد . وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : لم يزل الله يتقدم في النبي  صلى الله عليه وسلم إلى آدم فمن بعده و لم تزل الأمم تتباشر به و تستفتح به . و أخرج الحاكم عن ابن عباس قتال أوحى الله إلى عيسى آمن بمحمد و مر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم و لا الجنة و لا النار . قال السبكي عرفنا بالخبر الصحيح حصول الكمال من قبل خلق آدم لنبينا صلى الله عليه وسلم من ربه سبحانه و انه أعطاه النبوة من ذلك الوقت ثم أخذ له المواثيق و هي في معنى الإستخلاف و لذلك دخلت لام القسم في لتؤمنن به و لتنضرنه.: لطيفة أخرى : و هي كأنها إيمان البيعة التي تؤخذ للخلفاء و لعل إيمان الخلفاء أخذت من هنا فانظر هذا التعظيم العظيم للنبي صلى الله عليه وسلم من ربه فإذا عرفت ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم هو نبي الأنبياء و لهذا ظهر ذلك في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه و في الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلى بهم . و لو اتفق مجيئه في زمن آدم و نوح و إبراهيم و موسى و عيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به و نصرته و بذلك أخذ الله الميثاق عليهم فنبوته عليهم و رسالته إليهم معنى حاصل له . و إنما أمره يتوقف على إجتماعهم معه فتأخر ذلك لأمر راجع إلى وجودهم لا إلى عدم اتصافه بما يقتضيه و فرق بين توقف الفعل و على قبول المحل و توقفه على أهلية الفاعل فههنا لا توقف من جهة الفاعل و لا من جهة ذات النبي

صلى الله عليه وسلم الشريفة و إنما هو من جهة وجود العصر المشتمل عليه فلو وجد في عصرهم لزمهم إتباعه بلا شك . و لهذا يأتي عيسى في آخر الزمان على شريعته و يتعلق به ما فيها من أمر و نهي كما يتعلق بسائر الأمة و هو نبي كريم على حاله لم ينقص منه شيء . و كذلك لو بعث النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه أو في زمن موسى و إبراهيم و نوح و آدم كانوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم و النبي صلى الله عليه وسلم نبي عليهم و رسول إلى جميعهم فنبوته و رسالته  أعم و أشمل و أعظم و متفق مع شرائعهم في الأصول لأنها لا تختلف و تقدم شريعته فيما عساه يقع الإختلاف فيه من الفروع أما على سبيل التخصيص و إما على سبيل النسخ و لا تخصيص بل تكون شريعة  النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الوقات بالنسبة إلى أولئك الأمم ماجاءت أنبياؤهم و في هذا الوقت بالنسبة إلى هذه الأمة هذه الشريعة و الأحكام تختلف بإختلاف الأشخاص و الأوقات إنتهى كلام السبكي قلت : و يدل لكونه مرسلا إلى الأنبياء ما ورد من حديث عبادة بن الصامت و جابر بن عبد الله مرفوعا كان نقش خاتم سليمان بن داود لا إله إلا الله محمد رسول الله . فهذا إشارة إلى أنهم من أتباعه . و هذا التقرير الذي قرره السبكي قد أشار إليه الشرف البوصيري و قد مات قبل مولد السبكي بقوله في البردة                                                        

وكل آي أتى الرسل الكرام بها   فإنما اتصلت من نوره بهم                                                                          

              فإنه شمس فضل هم كواكبها  . يظهرن أنوارها للناس في ا

إذا تقرر أنه  صلى الله عليه وسلم كان نبي الأنبياء و رسولا إليهم و قد قامت الأدلة على أن الأنبياء أفضل من الملائكة لزم أن يكون مرسلا إلى الملائكة و أن يكونوا من جملة أتباعه بطريق الأولى .

الدليل العاشر : أنه  صلى الله عليه وسلم أعطى من الملائكة أمور ا لم يعطها أحد من الأنبياء ، منها : قتالهم معه ، و منها مشيهم خلف ظهره إذا مشى . و ذلك يدل على أنهم من جملة أتباعه و داخلون في شرعه . و من كلام الرافعي في خطبة المحرر و أخدمته الملائك . و قال ابن عباس في قوله تعالى * له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من أمر الله * هذه للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة و المعقبات الملائكة يحفظون محمدا صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن المنذر و ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن مردوية و أبو نعيم في الدلائل ، و منها ما ورد في الحديث أن الله أيدني بأربعة وزراء إثنين من أهل السماء جبريل و ميكائيل و إثنين من أهل الأرض أبى بكر و عمر و الوزير من أتباع الملك ضرورة فجبريل و ميكائيل رؤؤس أهل ملته من الملائكة كما أن أبا بكر و عمر رؤوس أهل ملته من بنى آدم ، و منها أنه لما مات صلى الله عليه وسلم صلى عليه الملائكة بأسرهم لم يتخلف منهم أحد و لم يقع ذلك لغيره من الأنبياء . و منها أن الملائكة يسالون الموتى في قبورهم عنه صلى الله عليه وسلم و لم يكن ذلك لأحد من الأنبياء سواه . و منها أن الملائكة تحضر أمته إذا قاتلت العدو في سبيل الله لنصرة دينه و هذه خصيصة مستمرة إلى يوم القيامة و منها جبريل عليه السلام يحضر من مات من أمته ليطرد عنه الشيطان و في تلك الحالة ، و منها أن الملائكة تنزل في كل سنة ليلة القدر على أمته و تسلم عليهم . و منها أنها أعطيت قراءة سورة الفاتحة من كتابه و لم تعط قراءة شيء من سائر الكتب  و هي حريصة على سماع بقية القرآن من الإنس دون سائر الكتب ، و منها أنه نزل إليه صلى الله عليه وسلم في حياته من الملائكة ما لم ينزل إلى الأرض منذ خلق كاسرافيل ،و منها أن ملك الموت أستأذن عليه و لم يستأذن على نبي قبله . و منها أنه وكل بقبره الشريف ملك يبلغه سلام من يصلي عليه و منها أنه ينزل على قبره الشريف سبعون ألف ملك يضربونه بأجنحتهم و يحفظونه و يستغفرون له و يصلون عليه كل يوم إلى أن يمسوا فإذا أمسوا عرجوا و هبط سبعون ألف ملك كذلك حتى يصبحوا إلى أن تقوم الساعة فإذا كان يوم القيامة خرج صلى الله عليه وسلم في سبعين ألف ملك – أخرجه ابن المبارك في الزهد عن كعب الأحبار .(خاتمة)في كشف الأسرار لإبن العماد حكاية أن آدم عليه السلام أرسل إلى الملائكة لينبئهم بما علم من الأسماء فان صح ذلك كان أحد الأدلة على إرساله صلى الله عليه وسلم إليهم لأنه ما أوتي نبي فضيلة إلا أوتي نبينا صلى الله عليه وسلم مثلها أو نظيرها – و هذه القاعدة كالمجمع عليها و ممن نص عليها الإمام الشافعي رضي الله عنه و الحمد لله وحده .

و فيما يخص الزيارات فإنك ذكرت بان كل الأحاديث ضعيفة و باطلة و لا ينبغي لنا أن نعمل بها ، إذن و حسب مفهومك يجب أن نترك زيارة قبر حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم و المدينة المنورة تمنع للحجيج .

فقد أقتبست هذا من كتب ابن تيمية على شبكة الإنترنت ، فإن ابن تيمية زعم أن إنشاء السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم  معصية لا  تقصر فيه الصلاة أم قوله بتحريم السفر لزيارة قبر النبي و غيره فقد ذكره في أكثر من كتاب ، فقال في فتاويه ما نصه : " بل نفس السفر لزيارة قبر من القبور – قبر النبي أو غيره – منهي عنه عند جمهور العلماء ، حتى أنهم لا يجوزون قصر الصلاة فيه بناء على أنه سفر معصية لقوله الثابت في الصحيحين : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد : المسجد الحرام ، و المسجد الأقصى و مسجدي هذا " و هو أعلم الناس بمثل هذه المسألة )) أه و قال أيضا ما نصه في كتابه الفتاوى الكبرى (1/142)  (( قالوا : و لان السفر إلى زيارة قبور الأنبياء و الصالحين بدعة لم يفعلها احد من الصحابة و لا التابعين و لا أمر بها رسول الله   صلى الله عليه وسلم  ، و لا يستحب ذلك أحد من أئمة المسلمين فمن أعتقد ذلك عبادة و فعلها فهو مخالف للسنة و لإجماع الأئمة

و قال ما نصه : "فإذا من أعتقد أن السفر لقبور الأنبياء و الصالحين قربة و عبادة و طاعة فقد خالف الإجماع ، و إذا سافر لإعتقاده أن ذلك طاعة كان ذلك محرما بإجماع المسلمين ، فصار التحريم من جهة اتخاذه قربة "

قال تقي الدين الحصني ما نصه (( و من الأمور المنتقدة عليه قوله : زيارة قبر النبي و قبور الأنبياء معصية بالإجماع مقطوع بها ، و هذا ثابت عنه أنه قاله ، و ثبت ذلك على يد القاضي جلال الدين القزويني ، فانظر هذه العبارة ما أعظم الفجور فيها من كون ذلك معصية ، و من أدعى الإجماع و أن ذلك مقطوع به ؟؟ فهذا الزائغ يطالب بما أدعا، من إجماع الصحابة رضي الله عنهم و كذا التابعون و من بعدهم  من أئمة المسلمين إلى حين إدعائه ذلك ، و ما اعتقد أن أحدا يتجاسر على مثل ذلك مع أن الكتب المشهورة بل المهجورة و عمل الناس في سائر الأعصار على الحث على زيارته من جميع الأقطار ، فزيارته من أفضل المساعي و أنجح القرب إلى رب العالمين ، و هي سنة من سنن المرسلين و مجمع عليها عند الموحدين ، و لا يطعن فيها إلا من في قلبه مرض المنافقين و من هو من أفراخ اليهود و أعداء الدين ، ومن المشركين الذين أسرفوا في دم سيد الأولين و الآخرين ، و لم تزل هذه الأمة المحمدية على شد الرحال إليه على ممر الأزمان ، من جميع الأقطار و البلدان، سار في ذلك الزرافات و الوحدان ، و العلماء و المشايخ و الكهول و الشبان حتى ظهر في أخر الزمان مبتدع من زنادقة حران لبس على أشباه الرجال ))

و قال الشيخ ابن حجر الهيتمي في كتابه " الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم " ما نصه : فإن قلت : كيف تحكي الإجماع السابق على مشروعية الزيارة و السفر إليها و طلبها و ابن تيمية من متأخري الحنابلة منكر لمشروعية ذلك كله كما رآه السبكي في خطه ، و أطال اعني إبن تيمية في الإستدلال لذلك بما تمجه الأسماع و تنفر عنه الطباع ، بل زعم حرمة السفر لها إجماعا ، و أنه تقصر فيه الصلاة ، و أن جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعة ، و تبعه بعض من تأخر عنه من أهل مذهبه ؟ قلت : من هو إبن تيمية حتى ينظر إليه أو يعول في شيء من أمور الذين عليه ؟ و هل هو إلا كما قال جماعة من الأئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى أظهروا عوار سقطاته و قبائح أوهامه و غلطاته كالعز بن جماعة : عبد أضله الله تعالى و أغواه و ألبسه رداء الخزي و أرداه ، و بوأه من قوة الإفتراء و الكذب ما أعقبه الهوان و أوجب له الحرمان " ا.ه .

و نقول و بالله التوفيق : أما إستدلاله بحديث : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدى هذا ، و مسجد الحرام ، و مسجد الأقصى " لتحريم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم فجوابه : أن أحدا من السلف لم يفهم ما فهمه إبن تيمية ، بل زيارة قبر الرسول سنة سواء كانت بسفر أو بغير سفر كسكان المدينة ، و الحنابلة قد نصوا كغيرهم على كون زيارة قبر النبي سنة سواء قصدت بالسفر لأجلها أو لم تقصد بالسفر لأجلها .

و أما الحديث فمعناه الذي فهمه السلف و الخلف أنه لا فضيلة زائدة في السفر لأجل الصلاة في مسجد إلا السفر إلى هذه المساجد الثلاثة ، لأن الصلاة تضاعف فيها إلى مئة ألف و ذلك في المسجد الحرام و إلى ألف و ذلك في مسجد الرسول و إلى خمسمائة و ذلك في المسجد الأقصى ، فالحديث المراد به السفر لأجل الصلاة .

و يبين ذلك ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده من طريق شهربن حوشب من حديث أبي سعيد مرفوعا : " لا ينبغي أن تشد رحاله إلى مسجدي هذا " و هذا الحديث حسنه الحافظ بن حجر، وهو مبين لمعنى الحديث السابق ، و تفسير الحديث بالحديث خير من تحريف إبن تيمية قال الحافظ العراقي في ألفيته في مصطلح الحديث

                           و خير ما فسرته بالوارد

قال لشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية ما نصه : و ليس هذا بأول ورطة وقع فيها إبن تيمية و أتباعه فإنه جعل شد الرحال إلى بيت المقدس معصية كما تقدم ذكر ذلك ورده ، و نهى عن التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم إلى الله تعالى و بغيره من الأولياء أيضا ، و خالف الإجماع من الأئمة الأربعة في عدم وقوع الطلاق الثلاث بلفظة واحدة إلى غير ذلك من التهورات الفظيعة الموجبة لكمال القطيعة التي إستوفاها الشيخ العلامة و العمدة الفهامة تقي الدين الحصني الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب مستقل في الرد على إبن تيمية و أتباعه و صرح فيه بكفره .

ثم قال :" قال الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر في كتابه الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم ، بعد أن تكلم في شأن إبن تيمية بكلام كثير : و لقد تصدى شيخ الإسلام و عالم الأنام  المجمع على جلالته و إجتهاده و صلاحه و أمانته التقى السبكي قدس الله روحه ، للرد عليه في تصنيف مستقل أفاد فيه و أجاد و أصاب ، و أوضح بباهر حججه طريق الصواب فشكر الله مسعاه ، و أدام عليه شآبيب رحمته و رضاه " . انتهى .

قال الحافظ المجتهد تقي الدين السبكي في كتابه شفاء السقام ما نصه : " الباب الثالث : فيما ورد في السفر إلى زيارته صلى الله عليه و سلم صريحا ، و بيان أن ذلك لم يزل قديما و حديثا ، وممن روي ذلك عنه من الصحابة بلال بن أبي رباح مؤذن رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم و رضي الله عنه ،سافر من الشام إلى المدينة لزيارة قبره صلى الله تعالى عليه و سلم ، روينا ذلك بإسناد جيد إليه ، و هو نص في الباب " ا.ه.

ثم قال في الباب الرابع من الكتاب ما نصه : " قال القاضي عياض رحمه الله تعالى : و زيارة قبره صلى الله تعالى عليه و سلم سنة بين المسلمين مجمع عليها و فضيلة مرغب فيها ".ا.ه.

 ثم أفاض في نقل إستحبابها عن أعيان من العلماء من المذاهب الأربعة ، فنقل ذلك عن الشافعية : عن القاضي أبي الطيب الطبري و المحاملي ، و الحليمي و الماوردي و الروياني ، و القاضي حسين ، و الشيخ أبي إسحاق الشيرازي .

 و عن الحنفية : عن أبي منصور الكرماني في مناسكه ، و عبد الله بن محمود في شرح المختار ، و أبي الليث السمرقندي في فتاواه ، و السروجي في الغاية .

و عن الحنابلة : عن أبي الخطاب الكواذاني في الهداية و أبي عبد الله السامري في المستوعب ، و نجم الدين بن حمدان في الرعاية الكبرى .

و عن المالكية: عن أبي عمران الفاسي ، و الشيخ إبن أبي زيد ثم ذكر حديث أبي داود : " ولا تجعلوا قبري عيدا " و أجاب عنه بثلاثة أجوبة :

1) يحتمل أن يكون المراد به الحث على كثرة زيارة قبره صلى الله عليه و سلم ، و أن لا يهمل حتى لا يزار إلا في بعض الأوقات كالعيد الذي لا يأتي في العام إلا مرتين .

2) و يحتمل أن يكون المراد لا تتخذوا له وقتا مخصوصا لا تكون الزيارة إلإ فيه و زيارة قبره صلى الله عليه و سلم ليس لها يوم بعينه بل أي يوم كان .

3) و يحتمل أن يراد أن يجعل كالعيد في العكوف عليه و إظهار الزينة و الإجتماع و غير ذلك مما يعمل في الأعياد ، بل لا يؤتى إلا للزيارة و السلام و الدعاء ثم ينصرف عنه و الله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه و سلم .

و قال الحافظ أبو زرعة العراقي : "( الحادية عشرة ) أستدل به على أنه لو نذر إتيان مسجد المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم لزمه ذلك لأنه من جملة المقاصد التي يؤتى لها ذلك المحل بل هو أعظمها ، و قد صرح بذلك القاضي إبن كج فقال : عندي إذا نذر زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم لزمه الوفاء وجها واحدا و لو نذر أن يزور قبر غيره فوجهان.

و للشيخ إبن تيمية هنا كلام بشع عجيب يتضمن  منع شد الرحال للزيارة و أنه ليس من القرب بل بضد ذلك ، ورد عليه الشيخ السبكي في شفاء السقام فشفى صدور المؤمنين ...

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر بعد أن ذكر حديث الصحيحين : أنه كان يأتي قباء راكبا و ماشيا : ليس في إتيانه صلى الله عليه و سلم ما يعارض الحديث الأول ، لأن ذلك معناه عند العلماء فيمن نذر على نفسه صلاة في أحد المساجد الثلاثة أنه يلزمه إتيانها دون غيرها .

و أما إتيان مسجد قباء و غيره من مواضع الرباط فلا بأس بإتيانها بدليل حديث قباء هذا .

قال الإمام العلامة محمود بن جملة ، وهو الذي ذكره هو الحق لذي لا محيد عنه ، و لهذا تجد الأئمة من الفقهاء و المحدثين يذكرون الحديث في باب النذور و السفر للجهاد و لتعلم العلم الواجب و بر الوالدين و زيارة الإخوان و التفكير في إثار صنع الله تعالى .

و كله مطلوب للشارع إما وجوبا أو إستحبابا .

و السفر للتجارة و الأغراض الدنيوية جائز و كله خارج عن هذا الحديث فلم لم يبق إلا شد الرحل للمعصية و حينئذ هو النوع و لا يختص بشد الرحل  ، يا سبحان الله أن يكون السفر لزيارة النبي صلى الله عليه و سلم  من هذا القسم لقد اجترأ على رسول الله صلى الله عليه و سلم من قال هذا . و هو كلام يدور مع الإستهانة و سوء الأدب و في إطلاقه ما يقتضي كفر قائله نعوذ بالله من الخذلان " و كذا في قوله صلى الله عليه و سلم : " لا تتخذوا قبري عيدا و لا تجعلوا بيوتكم قبورا " يعارض ما سبق لأن سياقه يقتضي دفع توهم من توهم أن الصلاة عليه لا تكون مؤثرة إلا عند قبره فيفوت بسبب ذلك ثواب المصلى عليه من مصل .

و لهذا قال صلى الله عليه و سلم : " فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنت " و لا نعلم خلافا بين أهل العلم في جواز السفر و شد الرحل لغرض دنيوي كالتجارة ، فإذا جاز ذلك فهذا أولى لأنه أعظم الأغراض الأخروية فإنه في أصله من أمر الآخرة لاسيما في هذا الوضع و لا نعلم خلافا بين أهل العلم في جواز السفر و شد الرحل لغرض أخروي كالإعتبار بمخلوقات الله عز و جل و ءاثار صنعه و عجائب ملكوته و مبتدعاته و قد دل على هذا ءايات كثيرة في الكتاب العزيز كقوله تعالى "(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الأخرة إن الله على كل شيء قدير )" [ سورة العنكبوت ]...

و مشروعية السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم قد ألف فيها الشيخ تقي الدين السبكي ، و الشيخ جمال الدين بن الزملكاني ، و الشيخ داود أبو سليمان المالكي و إبن جملة و غيرهم من الأئمة و ردوا على عصريهم الشيخ تقي الدين بن تيمية فإنه قد أتى في ذلك بشيء منكر لا تغسله البحار و الله تعالى ولي التوفيق رب السموات والأرض و ما بينهما العزيز الغفار "ا.ه.

و الذي أوقع إبن تيمية في هذا التحريف هو سوء فهمه ، فهو كما قال فيه الحافظ ولي الدين العراقي :" علمه-أي إبن تيمية- أكبر من عقله " ذكره في كتابه الأجوبة المرضية على الأسئلة المكية و قد مر ذلك ، و إبن تيمية قد ذكر أن كل حديث يروى في زيارة القبر فهو ضعيف ، بل موضوع ، و قال في كتابه التوسل ما نصه : فإن أحاديث زيارة قبره كلها ضعيفة لا يعتمد على شيء منها في الدين ، و لهذا لم يرو أهل الصحاح و السنن شيئا منها ، و إنما يرويها من يروي الضعاف كالدارقطني و البزار و غيرهما "ا.ه

و قال فيه أيضا ما نصه : و الأحاديث المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة بل كذب"اه.

فانظروا إلى هذا الإفتراء ، فقد ذكر السيوطي في مناهل الصفا أن حديث : " من زار قبري وجبت له شفاعتي " قال الذهبي فيه : إنه يتقوى بتعدد الطرق "اه.

فكيف تجرأ إبن تيمية على قوله إن أحاديث الزيارة كلها كذب فلم يستح من الله و لا من رسوله و لا من علماء الحديث .

ألم يعلم بأن من حفاظ الحديث الذين سبقوه من ألف كتاب سماه السنن الصحاح و هو الحافظ سعيد بن سكن أودع كتابه حديثا في الزيارة ، و هذا الحافظ إبن حجر الذي جاء بعد إبن تيمية أستحسن كلام الحافظ تقي الدين السبكي حيث أورد أحاديث الزيارة لم ينتقده فيما فعله من تصحيح بعض أحاديثها ، فهذا الكذب من إبن تيمية إحدى وقاحاته التي تدل على أنه متكبر .

و جاء عن إبن حجر من الأمالي قال نقلا عن النووي ما نصه : " قوله : فصل في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أن قال ، فإن زيارته من أهم القربات ، قلنا-يعني إبن حجر نفسه- : إستدل الشيخ في المذهب لإستحبابها بحديث إبن عمر ، قال الشيخ في شرحه : أخرجه الدارقطني و البيهقي بسندين ضعيفين ، قلت : مرجع كل منهما إلى راو واحد ، و له طريق أخرى إلى إبن عمر عند البزار ، و جاء في الباب عدة أحاديث عن غيره من الصحابة اعتنى بجمعها و الكلام عليها تعديلا و تجريحا و تعليلا و تصحيحا شيخ شيوخنا السبكي الكبير في كتابه شفاء السقام في زيارة النبي عليه الصلاة و السلام ".

ثم قال : أخبرني الزين أبو محمد عمر إبن محمد إبن أحمد إبن سليمان البالسي ثم الصالحي فيما قرأت عليه بدمشق عن أبي بكر بن أحمد الدقاق سماعا قال : أنا علي بن أحمد بن عبد الواحد قال : أنا محمد بن معمر إجازة مكاتبة من أصبهان قال : أنا إسماعيل بن الفضل قال : أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال : ثنا علي بن عمر الدارقطني الحافظ قال : ثنا الحسين إبن إسماعيل قال : ثنا عبيد بن محمد الوراق قال : ثنا موسى بن هلال العيدي قال : ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع "ح  " و أخبرنا عاليا أبو بكر بن إبراهيم عن أبي عمر قال : أنا أبو المعالي إبن الحسين بن أبي التائب و أبو بكر بن محمد بن عنتر و زينب بنت يحي إبن الشيخ عز الدين إبن عبد السلام قال الأول : أنا محمد بن أبا بكر البلخي عن السلفى و قال الآخران : أنا عبد الرحمان إبن مكي في كتابه قال : أنا جدي لأمي الحافظ بن الطاهر السلفي قال : أنا أبو سعد أحمد بن إبن يوسف قال : أنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم الرازي قال : ثنا موسى بن هلال قال : ثنا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن إبن عمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" من زار قبري وجبت له شفاعتي " هذا حديث غريب أخرجه إبن خزيمة في صحيحه عن عبيد إبن محمد الوراق فوقع لنا موافقة عالية ، و أخرجه أيضا عن محمد بن إسماعيل الأحمسي بمهملتين عن موسى بن هلال فوقع لنا بدلا عاليا ، فتوقف إبن خزيمة فيه فقال إن ثبت الخبر، فإن في القلب من هذا السند و أنا أبرا إلى الله من عهدته ، ووقع عنده في زمانه عبيد الله إبن عمر بالتصغير كما سقناه و عن الأحمسي عبد الله بن عمر بالتكبير كما في رواية الرازي ، قال إبن خزيمة : قول من قال عبد الله بالتكبير أشبه لأن عبيد الله يعني المصغر أجل و أعلم و أحفظ من أن يروي هذا المنكر قلت : إنما أطلق عليه إسم المنكر وفاقا  لقول مسلم علامة المنكر أن ينفرد راو عن إمام مكثر من الحديث و الرواة عنه بشيء لا يوجد عند أحد منهم كالزهري و نافع و غيرهما من المكثرين ، ثم جوز إبن خزيمة أن يكون موسى إن كان حفظ عبيد الله بالتصغير غلط في نافع ،  و قد إغتر من لا يدله في الفن فقال : صححه إبن خزيمة و أغفل كلامه مع وضوحه ، و قد جاء هذا الخبر من طريق مسلمة إبن سالم الجهني عن عبيد الله بن عمر بالتصغير ، لكنه خالف في السند فزاد سالما بين نافع و إبن عمر ، فقد خالف في المتن أيضا و هو ضعيف عندهم .

لقد ذكرت أن الحديث " من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي و من زارني بعد مماتي حلت له شفاعتي " و نحو ذلك ،  كلها أحاديث ضعيفة بل موضوعة ليست في شيء من دواوين المسلمين إلى آخره من ثرثرتك .

و إليك ما جاء في هذه الأحاديث أي أحاديث الزيارات : أخبرنا أبو هريرة إبن الحافظ شمس الدين الذهبي إجازة غير مرة و قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي كلاهما عن يحي بن سعد قال أبو هريرة سماعا عن الحسن بن يحي الصباح قال : أنا عبد الله بن رفاعة قال : أنا أبو الحسن الخلعي قال : أنا أبو النعمان تراب بن عمر قال : ثنا علي بن عمر الحافظ إملاء قال : ثنا يحي بن محمد إبن صاعد قال : ثنا عبد الله بن محمد العبادي- بضم المهملة و تخفيف الموحدة- قال : ثنا مسلمة بن سالم بن عبد الله بن عمر عن نافع عن سالم عن إبن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "( من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون له شفيعا يوم القيامة )" هذا حديث غريب أخرجه الطبراني عن الحسين إبن إسحق عن العبادي فوافقناه في شيخ شيخه ، ووجدت متابعا للمتن الأول أخرجه البزار من طريق عبد الرحمان بن زيد بن أسلم عن أبيه عن إبن عمر و لفظه : "( من زار قبري حلت له شفاعتي )" قال البزار : لم نكتبه إلا من رواية عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن عبد الرحمان و هما ضعيفان ، و الله أعلم .

ثم قال "ذكر طريق آخر لحديث إبن عمر مقيدة بمن حج .

قرأت على أبى المعالي عبد الله بن عمر بن علي الحلاوي رحمه الله عن أم عبد الله الكمالية أن يوسف بن خليل الحافظ أخبرهم في كتابه قال : أنا أبو سعيد بن أبي الرجا قال : أنا أبو علي المقري قال : أنا أبو نعيم الأصبهاني قال : أنا الطبراني في المعجم الأوسط قال : ثنا جعفر بن بجير بموحدة

و جيم مصغرة قال : ثنا محمد بن بكار بن الريان "ح" و بالسند الماضي قريبا إلى الدار القطني قال : ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز هو البغوي قال : ثنا أبو الربيع الزهراني قال : ثنا حفص قال الأول إبن سليمان و قال الثاني إبن أبي داود قال : ثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن إبن عمر رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "( من حج فزار قبري كان كمن زارني في حياتي " .

هذا حديث غريب أخرجه سعيد بن منصور في السنن عن حفص إبن سليمان ، و أخرجه أحمد عدي عن البغوي فوقع لنا موافقة فيهما ، قال إبن عدي : حفص بن سليمان هو حفص بن أبى داود كان أبو الربيع يكني إياه بضعف حفص ، و أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن الحسين بن إسحاق ، عن البغوي ، و أخرجه البيهقي من طريق محمد بن إسحاق الصغاني ، عن محمد بن بكار كما أخرجناه و قال : تفرد به حفص بن سليمان و هو ضعيف  : و كذا إبن عدي و هو حفص القارئ ضعفوه في الحديث جدا مع إمامته في القراءة ، و قد أطلق الطبراني أيضا أن حفصا تفرد به ، ثم ناقض فأخرجه من وجه آخر عن ليث قرأت على أبى الحسن على بن محمد بن الصايغ عن إسحاق بن يحي الدمشقي قال : أنا أبو الحاج الآدمي قال : أنا أبو عبد الله بن أبى زيد قال : أنا محمود إبن إسماعيل  قال : أنا أحمد بن محمد قال : أنا سليمان بن أحمد قال : ثنا أحمد بن رشيدين قال : ثنا علي بن الحسن بن هارون الأنصاري قال : ثنا الليث بن بنت بن أبي سليم قال : حدثتني عائشة بنت يونس إمرأة ليث بن أبي سليم ، عن ليث إبن أبي سليم عن مجاهد فذكر الحديث كما مضى لكنه لم يقل في أوله : من حج .

قال الطبراني في الأوسط : لا يروى عن ليث بن أبي سليم إلا بهذا الإسناد ، قلت : و هذا الحصر مردود برواية حفص و سند روايته ليس فيه إلا هو .

 أما الثاني فمن شيخ الطبراني و هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشيدين إلى ليث بن أبي سليم ، إما ضعيف و إما مجهول و قد ورد عن طريق ثالثة عن ليث لكن السند معلول أخرجه أبو يعلي من طريق حسان إبن إبراهيم عن حفص بن سليمان عن كثير بن شنظير-بكسر المعجمة أوله و ثالثه وبينهما نون ساكنة و قبل الراء مثناة من تحت ساكنة- عن ليث بن أبي سليم ، و قد إتفقوا على أن ذكر كثير فيه وهم فهو من المزيد في متصل الأسانيد ، و الله أعلم.... إلى آخر ما جاء في الزيارات.

و أنت قد ذكرت بأن الأحاديث الزيارة لم ينقلها إمام من أئمة المسلمين و لا الأئمة الأربعة ...

و هذا إفتراء و كذب إذن ماذا نفعل بكلام إبن حجر من الآمالي نقلا عن النووي :" فإن زيارته من أهم القربات.....

و كذلك قول الحافظ السبكي و غيرهم من الأئمة . و أعيد الكلام على العمل  بالحديث الضعيف و هذه المرة من كلام الإمام النووي : قال رحمه الله تعالى في كتابه الأذكار ما نصه : قال العلماء من المحدثين و الفقهاء و غيرهم : يجوز و يستحب العمل في الفضائل و الترغيب و الترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعا ا ه .

 فافهم يا مغرور و الكلام الذي ذكرته في حق الزيارة فهو باطل أنظر إلى هذه الفرية على الإمام النووي رحمه الله تعالى فقد قلت : و لذلك نقل إبن تيمية و النووي و غيرهما الإجماع على تحريم العمل بالحديث الضعيف ، ها أنت تقلد إبن تيمية في الإفتراء عندما أضفت الإمام النووي بأنه قال كيت و كيت و حاشاه من التناقض ثم حاشاه ألم تستحي من الله ألم تخشى من الله ألم  تخاف على نفسك ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "(المؤمن لا يكذب)" و تتكلم على الإجماع و إبن تيمية لا يساوي الإجماع .

إعلم أن الحافظ الذهبي كان تلميذ بن تيمية و لما رآه خالف إجماع العلماء و تفرد بعلمه و فتاويه ألف في حقه رسالة سماها: النصيحة الذهبية و كذلك رسالة ثانية : بيان زغل العلم و الطلب .

و أما العلماء الذين ردوا على إبن تيمية فيما يخص الزيارة هم :

-  الشيخ الفقيه على بن يعقوب البكري المتوفى سنة 724 ه . لما دخل إبن تيمية إلى مصر قام عليه و أنكر على إبن تيمية ما يقول .

-  ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر لإبن طولون ( ص32-33) أحاديث زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم .

-القاضي كمال الدين بن الزملكاني المتوفي سنة 727هــ:

ناظر ورد عليه برسالتين ، واحدة في مسألة الطلاق و الاخرى في مسألة الزيارة .

الحافظ بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـــــ  :

- الدرر الكامنة في اأعيان المائة الثامنة .

- لسان الميزان .

فتح الباري شرح صحيح البخاري.

الاشارة بطرق حديث الزيارة .

_الفقيه ابو بكر الحصني المتوفى سنة 829هـ:

·       دفع شبه من شبه و تمرد و نسب ذلك إلى الإمام احمد . و القائمة طويلة و اكتفي بما ذكرته.

وإانك قدمت أدلة من بعض العلماء بأن كل الأحاديث في الزيارة ضعيفة بل موضوعة كما ذكرها ابن تيمية في كتابه الصارم المنكي ص 31و ص67،إعلم إن المحدث محمد بن علي بن علان الصديقي المتوفى سنة 1057هـــــ.

رد عليه بكتاب المبرد المبكي في رد الصارم المنكي

و بهذا تبطل ادلتك الفاشلة.

-قال ابن الحاج في رسالة ابن باديس: حضر يوما مجلس الشيخ عبد القادر رضي الله عنه ابو الفرج بن الجوزي ففسر الشيخ عبد القادر رضي الله عنه آية و ذكر فيها وجوها ،و إلى جانب الشيخ ابي الفرج من يسأله :أتعرف هذا القول فيقول :نعم الى ان بلغ احد عشر يعرفها ابو الفرج ثم زاد الشيخ حتى انتهى الى اربعين وجها و عزا كل وجه إلى قائله فاشتد تعجب الشيخ ابي الفرج من كثرة علم الشيخ ثم قال :نترك المقال و نرجع للأحوال لا اله الا الله محمد رسول الله فاضطرب  الناس اضطرابا شديدا و مزق ابو الفرج ثوبه انتهى من كتاب نور الابصار في مناقب آل بيت النبي المختار للشيخ الشبلنجي .

- جاء هذا في باب " كرامات الشيخ عبد القادر رضي الله عنه".

ومن كتاب الفية السيوطي ص92-قال:الف الحافظ ابو الفرج عبد الرحمان بن الجوزي كتابا كبيرا في مجلدين، جمع فيها كثيرا من الاحاديث الموضــــــــــوعة اخذ غالبه من كتاب الاباطيل للجوز قاني ،و لكن أخطأ في بعض احاديث انتقدها عليه الحفاظ ،...الى ان قال : ومن غرائب تسرع الحافظ ابن الجوزي في الحكم بالوضع انه وضع حديث في صحيح مسلم ،و هو حديث ابي هريرة مرفوعا :" ان طالت بك مدة او شك ان ترى قوما يغدون في سخط الله و يروحون في لعنته في ايديهم مثل اذناب البقر " رواه احمد في المسند(رقم 59-8ج2ص207) وهو في صحيح مسلم (ج2ص355)قال ابن حجر في القول المسدد(ص32) "ولم اقف في كتاب الموضوعات لابن الجوزي على شيء حكم عليه بالوضع وهو في احد الصحيحين غير هذا الحديث ،و إنها لغفلة شديدة منه".

و ألف ابن حجر كتاب (القول المسدد في الذب عن المسند)اي مسند الامام أحمد بن حنبل رحمه الله ،ذكر فيه أربعة و عشرين حديثا من المسند ، جاء بها ابن الجوزي  في الموضوعات و حكم عليها بذلك ، ورد عليه ابن حجر و دفع قوله ،ثم ألف السيوطي ذيلا لهذين الكتابين سماه:(القول الحسن في الذب عن السنن) أورد فيه مائة و بضعة و عشرين حديثا من السنن الاربعة –حكم ابن الجوزي بأنها موضوعة و رد عليه حكمه.

ومن كلام شيخنا الجد العلامة الشيخ المكي بن عزوز قال : فإن ابن الجوزي لم يبق على أحد إلا مكسري الحنابلة ، و قال التفتزاني في ترجمة ابى عبد الرحمان السلمى صاحب الحقائق في التفسير بالباطن أستاذ قدوة العارفين ابى القاسم القشيري ما نصه :وقد طعن فيه ابن الجوزي كما هو دابه في شان الائمة .اهـ. و ذكر العلامة البوني التميمي في كتابه " مبين المشارب "ان الامام ابن عرفة و غيره حذروا من مطالعة كتاب ابن الجوزي المسمى "تلبيس ابليس" لا نه سب فيه القوم كالجنيدي و غيره وقال :هم قوم جاوزوا المجانين فذاك من تلبس على بن الجوزي ثم قال البوني بأثره و قال الأجهوري في الفتاوى :لا تجوز قراءة ابن الجوزي في المساجد بين  العوام لكثرة ما نقله من الاحاديث الموضوعة و قراءة مقامات الحريري اولى من قراءة كتبه لا نها تعد كذبا اهـ.   

ولنجلب ما قاله جهابذة العلم في حال ابن الجوزي مع اعترافنا بجلالة علمه ووفور فضله.

قال ابن الاثير في تاريخه الكامل في حوادث سنــــــــــة597 ما نصه :

وفي هذه السنة في شهر رمضان توفى ابو الفرج عبد الرحمان بن علي الجوزي الحنبلي  الواعظ ببغداد وكان كثير الوقيعة في الناس ، لاسيما في العلماء المخالفين لمذهبه والموافقين   له . وماذا عسى أن يصل بن الجوزي إلى الجيلي في خصوص علم الظاهر من الكتاب والسنة بقطع النظر عن بحور علم الحقيقة ثم اقول من باب تحسين الظن لا يبعد ان ابن الجوزي رجع في اخر امره الى حسن الاعتقاد في الجنيدي والجيلي وغيرهما من الاولياء والصالحين اذ العلم يهدي صاحبه الى منهج السعادة ولو بعد حين

ربما نتساءل لماذا ذكرت ابن الجوزي ؟ فالجواب لان ابن الجوزي أخطأ في تصحيحه للاحاديث وبالمثال يتضح الحال. الحديث "رد الشمس لعلي رضي الله عنه "

يقول ابن تيمية في منهاجه ما نصه : "وحديث رد الشمس له قد ذكره طائفة كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما وعدو ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم و لكن المحققين من أهل العلم و المعرفة بالحديث يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع كما ذكره ابن الجوزي في كتابه الموضوعات " اه قلت بل الحديث صححه من يعتمد عليه قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري ما نصه :"وروى الطحاوي و الطبراني في الكبير و الحاكم و البيهقي في الدلائل عن اسماء بنت عميس انه صلى الله عليه و سلم دعا  لما نام على ركبة علي ففاتته صلاة العصر ،فردت الشمس حتى صلى علي ثم غربت ،و هذا ابلغ  في المعجزة ،و قد اخطأ  ابن الجوزي بإيراده في الموضوعات ، و كذا ابن تيمية في كتاب الرد على الروافض في زعم وضعه  والله اعلم" اهـــ

وأما احتجاج ابن الجوزي بوضعه بانه قد اضطرب الرواة فيه ، وفي حديت أسماء بنت عميس فضيل بن مرزوق ضعيف ، وله طريق ثان فيه عبد الرحمان بن شريك قال ابو حاتم :واهي الحديث ، وفيه ابو العباس بن عقدة رافضي رمي بالكذب ، وفي حديث ابي هريرة كذلك داود بن فراهيج ضعيف . فالجوانب ما ذكره الحافظ السيوطي في النكت البديعات ونصه: "قلت : فضيل ثقه صدوق احتج به مسلم والاربعة ، وابن شريك وثقه غير ابي حاتم ،وروى عنه البخاري في الادب ،وابن عقده من كبار الحفاظ وثقه الناس ، وما ضعفه إلا عصري متعصب ، و الحديث صرح جماعة بتصحيحه منهم القاضي عياض " اهـ

وقد نص الحافظ ابن الصلاح ومن بعده من ا لحفاظ على تساهل ابن الجوزي في كتاب الموضوعات بحيث خرج عن موضوعه لمطلق الضعف ، حتى انه ادرج فيه كثيرا من الاحاديث الصحيحة الثابتة ورمز لوضعها .

قال الحافظ العراقي :

واكثر الجامع فيه اذ خرج        لمطلق الضعف عنى ابا الفرج

وقال الحافظ السيوطي :

ومن غريب ما تراه فاعلم       فيه حديثا من صحيح مسلم

ومن مصدر اخر :

للشيخ محمد بن عزوز مجلسان يوجدان في نهاية كتاب – وسيلة المتوسلين بفضل الصلاة على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم للشيخ بركات بن احمد العروسي القسنطيني ، حيث قال ، مؤلف هاذين المجلسين العالم العامل العلامة الحبر الفهامة العلم الشهير والدراكة النحرير الشيخ سيدي محمد بن عزوز برد الله ضريحه ، وسقي بوابل غيث الرحمة روحه واعاد علينا والمسلمين من بركاته وصالح نفحاته . لما جرت العادة بقراءة كتاب سيدي بركات العروسي المسمى – بوسيلة المتوسلين – في فصل الشتاء بنحو الجمعة فألحقت به هاذين المجلسين من كلام اولياء الله تعالى ليوافق تمام الشتاء تمامه قاصدا بذلك وجه الله العظيم .......

ومن جملة ما جاء في المجلس الخامس والعشرون حديث اسماء بنت غميس ، قال شيخنا رضي الله عنه : وخرج الطحاوي عن اسماء بنت غميس رضي الله تعالى عنهما من طريقين : ان النبي صلى الله عليه وسلم : كان مريضا وراسه في حجر علي رضي الله تعالى عنه فلم يصل العصر حتى غربت الشمس عليه فقال رسول الله صلى عليه وسلم : اصليت يا علي . فقال لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه  وسلم ، اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس . قالت اسماء فرايتها غربت ثم طلعت بعدما غربت ووقفت على الجبال والارض وكذلك بالصهباء في خيبر ".

وهذا الحديث مطابق لما ذكرته . تنبيه : سلك ابن تيمية عند كلامه على الاحاديث التي في فضائل علي رضي الله عنه مسلك التوسع في تضعيف هذه الاحاديث بل والحكم على اكثرها بالوضع وذلك ليصرفها عن اثبات فضائل علي رضي الله عنه ، فحاله ما ذكر الحافظ ابن حجر انه ذكر في رده كثيرا من الاحاديث الجياد، يعني الصحيح و الحسن .

وان ابن تيمية يضعف الاحاديث ولا يبالي بتصحيح الحفاظ لها لشدة تعلق قلبه بتأييد هواه، كما ان من دابه دعوى اتفاق العلماء على البدع التي يهواها كذبا وزورا من غير استحياء من الله ولا من اهل العلم . فهذا شان ابن تيمية فانه يحتج بالحديث الموضوع الذي يوافق هواه ويحاول ان يصححه ، ويضعف الاحاديث والاخبار الثابتة المتواترة التي تخالف رايه وعقيدته . حتى قال فيه تلميذه الذهبي في رسالة ارسلها له على شكل نصيحة بعد كلام ما نصه : " الى كم تمدح كلامك بكيفية لا تمدح بها والله احاديث الصحيحين ، يا ليت احاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف و الإهدار أو بالتأويل والإنكار " اهــ.

انظر ماذا يقول شيخنا الاكبر محي الدين بن عربي في الباب الثالث والسبعين من الفتوحات فقال : من سلك الطريق بغير شيخ ولا ورع عما حرم الله تعالى فلا وصول له الى معرفة الله تعالى المعرفة المطلوبة عند القوم ولو عبد الله تعالى عمر نوح عليه الصلاة والسلام .

والشيخ العارف بالله الشعراني يقول : سمعت شيخي سيدي على الخواص يقول الجدال في الشريعة  من بقايا النفاق لأنه  يراد به ادحاض حجة الغير من العلماء وقد قال تعالى : " فلا وربك  لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما "

فنفى تعالى الإيمان عمن يجد في الحكم عليه بالشريعة حرجا وضيقا.

وقد ذكرت في الحديث الضعيف : " ولذلك نقل ابن تيمية والنووي  وغيرهما الاجماع على تحريم العمل بالحديث الضعيف " هذا افتراء على الامام النووي والذي عندي في كتاب العقائد عنوانه – فتح العلم المالك في الفتوى على مذهب الامام مالك – للأستاذ ابي عبد الله الشيخ محمد عليش مفتي السادة المالكية قال : " ومن المعلوم الشائع ان الحديث الضعيف انما يعمل به في فضائل الاعمال على ما نقله النووي عن العلماء وقيده ابن حجر بان يندرج تحت اصل عام وان لا يشتد ضعفه وان لا يعتقد ثبوته "

انظر الى التقولات على الامام النووي وذكرت ايضا الاجماع ، اعلم ان ابن تيمية لا يساوي الاجماع . وانك نقلت قول ابن حجر بان شروط العمل بالحديث الضعيف ثلاثة ....... وهذا معناه تناقض في كلامك. وانا أجزم بانك لا تدري ماذا تنقل ، حتى معنى كلمة التحريم تجهلها  لأنك لم تدرس الفقه .

فقد ذكرت ايضا بان حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يصف نفسه ، وهذا راجع الى عدم اطلاعك للاحاديث ، وانا انقل هذه الاحاديث التي تجهلها .

1) روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لابي بكر رضى الله عنه : " خلقني  الله عز وجل من جوهرة من نور فنظر اليها الرب جل جلاله وتقدست اسماؤه فأوقفني بين يديه فاستحييت منه فعرقت فسقط مني اربع نقط فخلقك يا ابا بكر من اول نقطة وخلق عمر من الثانية  وخلق عثمان من الثالثة وخلق عليا من الرابعة ، فنورك يا ابا بكر ونور عمر و عثمان وعلي من نوري " .

2) وقال صلى الله عليه وسلم : " ان الله اختار اصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين ، فاختار من اصحابي اربعة : ابا بكر وعمر وعثمان وعلى ابن ابي طالب ، رضي الله عنهم اجمعين .

3) روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: كنت نبيا وادم بين الماء والطين.

4) وذكر ابو محمد المكي وابو الليث السمرقندي رحمهما الله : ان ادم عليه السلام لما اهبط من الجنة قال : اللهم بحق محمد اغفر لي خطيئتي وتقبل توبتي فقال له الحق جل جلاله من اين عرفت محمدا ،  قال : الهي لما خلقتني رفعت راسي الى عرشك فاذا مكتوبا  " لا اله الا الله محمد رسول الله  " فعلمت انه ليس احد اعظم قدرا منه عندك فتوسلت اليك به ، فلما دعا ادم تاب الله عليه وغفر له ببركة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .

5) وفي الصحيح عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بعثت من خير قرون ابن ادم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت منه .

6) وعن العباس رضي الله تعالي عنه قال  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان الله خلق الخلق فجعلني من خير بيوتهم فانا خيرهم نفسا وخيرهم بيوتا .

واما مدحك للإمام ابي بكر العربي وشتمك للإمام الجليل محي الدين بن عربي ، فقد اخطات في المقارنة لأنك تجهلهم تماما . وهذه بعض من مؤلفات ابي بكر منها : كتاب القبس في شرح موطأ مالك ابن انس ، وكتاب ترتيب المسالك في شرح موطأ مالك ، وكتاب الاحوذي في شرح سنن الترمذي، وكتاب الخلافيات ، وكتاب احكام القران ، وكتاب سراج المريدين ، وكتاب الاتصاف في مسائل الخلاف عشرون مجلدا ، وكتاب انوار الفجر في غاية الاحتفال والجمع لعلوم القران الى اخره ... و عدد ما الف هي ما يقرب الى خمسين كتابا .

واما العلامة محي الدين بن عربي فقد الف ازيد من اربعمائة في رواية وفي رواية اخرى ما يقرب من الف كتاب وذلك في جميع العلوم ، واما تفسيره الكبير فهو يحتوى على خمسة وتسعين مجلدا ، وتفسيره الصغير في ثمانية اسفار ، والفرق بين ذا وذاك واضح ولا يحتاج الى تعليق ، والذي تجهله فان ابا بكر مالكي وصوفي والدليل تا ليفه  "كتاب سراج المريدين " ، وهذه حالة الشخص الذي يتعلم من الكتب  والانترنت بدون معلم او شيخ  وهو حتما يقع في التناقضات ....وانما ابتعدت عن الجواب لسؤالي المتعلق بقول ابي بكر الذي قال : " عندما سأله رجل : ان ابوا والنبي صلى الله عليه وسلم انه في النار "   فأجابه : ان من قال ذلك فهو ملعون لقوله تعالى : " ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة " قال : ولا اذى اعظم من ان يقال ابواه انهما في النار . وفي هذه المسالة تسترت في مدح ابي بكر وراوغت ولم تجبني  . وهذه عادات المتطرفين ، تبعت في ذلك ابن تيمية والالباني ، ها انت جلبت لنفسك اللعنة من الخالق عز وجل الواحد القهار . وكذلك لم تجبني عن اعترافك بان علماءك خرجوا عن الاجماع ، حيث قلت : ان الخلاف هنا ليس بين علماءنا وانما الخلاف بين اهل السنة و الجماعة وشيوخ الصوفية ، وطلبت منك ان تذكر لنا علماءك او البعض منهم  وكأنك تستحي من ذكر اسمائهم وسالتك ايضا : هل ابن تيمية  وابن الجوزي عندما جوزا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من اهل الجحيم ، كما جاء في ردك : كل من يحتفل بالمولود النبوي من اهل الجحيم ، ولم تجبني .

وقد ذكرت: انه لا يجوز كتمان العلم وان التوضيح واجب...

ما هو هذا العلم الذي تتغنى به؟   وممن اخذته؟    وانا اجيبك نيابة عنك : هذا العلم الذى هو عبارة عن ضلالات اخذته عند ما كنت في الخارج لقنوك اقوال خاطئة وبما انك لم تدرس العلم والفقه لتدافع بهم استوعبت ما علموك ، واشتريت بعض كتب الالباني وابن تيمية ونصبت نفسك عالما بلا علم وفقيها بلا فقه ومحدثا بلا احاديث وهذا بهتان عظيم انا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم .

ولقد ذكرت بانني ادعي تقليد الامام مالك واخالفه ، ما شاء الله تعلم بالغيب كذلك ، اعلم انني افقه منك ، وانني درست الفقه والتوحيد وغيره من العلوم عن شيوخ واحمد الله تعالى على ما انعمه علي بفضله ومنه – وأما انت فلم تجلس يوما واحدا لا امام عالم و لا أمام فقيه وانت لا تفرق بين الفرض والسنة والمستحب والمكروه الى غير ذلك ...

وانتقلت الى شيء يفوق عقلك مما  أوصلك الى الانحراف وفي اخر ردك فانك قلت بانك اخفيت الكتاب الذى اساء فيه الالباني لام المؤمنين عائشة رضي الله عنها وتنتظر مني ان ابحث عليه وانشره ، وكأنك اخفيت اختراعا لم يسبقك فيه احد اعلم ان هذا الكتاب مثل الذى  بحوزتي المعنون بـــــ" التوسل انواعه واحكامه " والذى طلب فيه الالباني من الدكتور البوطي دليلا يثبت افضلية حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا الكتاب لا يشبه الكتاب الذى عند اتباع هذا الشيخ وهو يتمثل عن صور طبق الاصل والفقرة بتمامها محذوفه كذلك الكتاب الذى اخفيته فانهم حذفوا الاساءة كدابهم لانهم يعرفون جيدا بان المجتمع يرفض مثل هذه الاقوال القبيحة والشنيعة  وخاصة عندما يتعلق الامر بأم المؤمنين عائشة زوجة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا يعتبر تزييفا  وخيانة للنقل ... 

وعلى هذا ان شئت احتفظ بالنص لنفسك ، والا فاضرب به عرض الحائط . واما القائمة السخيفة التي نشرتها  والتي تحتوى على 15 عنوانا ، تخص 3 اشخاص وجل العناوين حطوا على السقاف لأنه وجههم بالحقائق .

واما العنوان الذى جاءنا به عبد الله بن فهد الخليفي وهو " التوفيق الرباني في الذب عن الالباني " حقيقة هذا العنوان يثير للدهشة وانا اتحداك واتحد هذا المؤلف ان تذكروا لنا كرامة واحدة لهذا الالباني    

وأخطأت في الدكتور البوطي فانه ليس بصوفي . وتدعى بان قائمة اهل السنة هي اضعاف ... هذا افتراء وكذب ، ولو كان في حوزتك اكثر لنشرتهم . وأذكرك بانك خارج اهل السنة وذلك باعترافك .

و اعتبر بان هذا الرد هو الاخير لأنك لست اهلا للمناقشات ، وذلك لتعصبك وعنادك وعدم اعترافك بالحقائق.

ولا تعرض نفسك للردود عليك من قبل الصوفية ، وانا اعتقد بانك لن تعود الى الاساءة اليهم بعد التوضيحات التي قدمتها في هذا الرد ، واذا عدت الى فعلتك فاعلم انك بدون ضمير يبكتك ، والسؤال المطروح : لماذا لم تعدل على ما انت عليه من هذا الضلال الاعمى الذى تتخبط فيه 

والجواب : لان في جعبتك الا الضلال وانك تسبح في زاوية ضيقة وبما ان التعلم في سن ما صعب جدا كما قال الشاعر :

ومن فاته التعليم وقت شبابه      فكبر عليه اربعا لوفاته

فاخترت التمسك بالضلال وهذا امر يهمك .

اضافة في افضلية حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذه المرة على طريقة الكشف : كان سيدنا الولي الكبير العارف الشهير ابى المواهب الشاذلي رضى الله عنه يقول : وقع بيني وبين شخص من الجامع الازهر مجادلة في قول صاحب البردة رحمه الله تعالى :

فمبلغ العلم فيه أنه بشر         وأنه خير خلق الله كلهم

وقال ليس له دليل على ذلك فقلت له : قد انعقد الاجماع على ذلك فلم يرجع ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابو بكر وعمر جالسا عند مجلس الجامع الازهر وقال لي مرحبا بحبيبنا ثم قال لأصحابه : وأتدرون  ما حدث اليوم قالوا :لا يا رسول الله فقال : ان فلان التعيس يعتقد ان الملائكة افضل مني ، فقالوا بأجمعهم لا يا رسول الله فقال لهم : ما بال فلان التعيس الذى لا يعيش وان عاش عاش ذليلا خمولا مضيقا عليه حامل الذكر في الدنيا والاخرة يعتقد ان الاجماع لم يقع على تفضيلي اما علم مخالفة المعتزلة لا هل السنة لا تقدح في الاجماع .

وهذه صلاة لسيدنا محي الدين بن عربي رضي الله عنه : " اللهم صلي على طلعة الذات المطلسم والغيث المطمطم والكمال المكتم لاهوت الجمال وناسوت الوصال وطلعة الحق هوية إنسان الأزل في نشر من لم يزل، من أقمت به نوا__ الفرق إلى طريق الحق .فصل اللهم به منه فيه عليه وسلم تسليما " .

واجزم انك لم تفهم شيئا في هذه الصلاة ولو استعنت بمن شئت .

ويقول الاستاذ سيدي عبد الغني النابلسي قدس سره :

كلامنا نعرفه               نحن ومن يعرفنا

وانما يفهمه                 في الناس من يفهمنا

ولم يكن يجهله             الا الذى يجهلنا

ومن يرده فليكن           ملازما مجلسنا

او مجلسا لكل من         تلمذه الصدق لنا

وقلبه معتقد                 ويحسن الظن بنا

لقد ذكرت الفرق المنهجي بين المتبع والمقلد ، وقلت ايضا : قال اهل العلم : ليس من العلماء وذكرت قول الحافظ السيوطي : المقلد لا يسمى عالما .

لم تبين من المقلد ومن المتبع وهذا يحتاج الى نقل صفحات .من هم العلماء.؟

وانت كعاداتك لم تذكر اسماء العلماء ، وقول المقلد ليس من  العلماء ، وهذا معروف عند الخاص والعام . وبعده ذكرت قول الحافظ السيوطي : من جهة تهجمت عليه ومن جهة اخرى تستدل باقوا له وهذا نفاق واضح ، وفي القولين لم يذكر كلمة المتبع  التي اتيتنا بها من اقوال المتطرفين ، مع العلم انك تجهل معنى المقلد والعالم ، لان كل واحد منهم مقيد بشروط ، وهذه الشروط موجودة عندنا اعنى المذاهب الاربعة ، ومفقودة عند التتميمين واتباع الالباني .

ومن كلام بعض العارفين قدس الله اسرارهم :

اتبع طريق ساداتك وان قلوا       ولا تتبع طريق الجهال وان جلوا

ويقول ابن عاشر المالكي رحمة الله تعالى عليه:

يصحب الشيخ عارف المسالك      يقيه من طريق المهالك

واما من جهة اخذ المعلومات والادلة ، فإنني لا احتاج الى الانترنت لا نني املك مكتبة تحتوي على ازيد من الف كتاب وذلك في شتى العلوم واحمد الله العزيز الكريم على فضله وفيما يخص ملاحظاتك على البحث العلمي الدقيق في المصادر والاسماء ، اعلم انك لو كنت درست علم النحو والصرف لما تمجدقت  بهذا ، لان النحاة يسمون الالف واللام بالــــ.... المعرفة وان شئت عرفت وان شئت تركت .

وانا لم اصححك في اخطائك لكثرتها وهذا لا يهمني كما قيل في المثل : كل شاه برجلها معلقة.

واما الشيء الذى تجهله هو ان الالباني في آخر عمره ألف رسالة أعلن فيها تبوته ، واذا طلبت منى الدليل ، الجواب اتصل بعائلته كي تتحصل عن الخبر الصحيح . وانت لم تتابع الحوادث وخاصة بالعلماء ، مثلا : الحافظ الذهبي تتلمذ على ابن تيمية ثم خرج عنه لما راه انه انحرف وتفرد بعلمه كما قال الحافظ السبكي ، واما تلميذه ابن قيم الجوزية الذى اسمه محمد بن ابى بكر بن ايوب الزرعي ، الذى قال فيه ابن حجر في  الدرر الكامنة : غلب عليه حب ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شيء من اقواله بل ينتصر له في جميع ذلك وهو الذي هذب كتبه ونشر علمه، واعتقل مع ابن تيمية بالقلعة بعد ان اهين وطيف به على جمل مضروبا بالدرة . فلما مات افرج عنه ، وامتحن مرة اخرى بسبب فتاوي ابن تيمية .

قال ابن كثير في البداية والنهاية : وقد كان متصديا للافتتا بمسالة الطلاق التي اختارها تقي الدين بن تيمية ، وجرت بسببها فصول يطول بسطها مع قاضي القضاة تقي الدين السبكي وغيره اهــــ ..............

وقال التقي الحصني كان ابن تيمية ممن يعتقد ويفتي بان شد الرحال الى قبور الانبياء حرام لا تقصر فيه الصلاة ويصرح بقبر الخليل وقبر النبي صلى الله عليهما  وسلم ، وكان على هذا الاعتقاد تلميذه ابن قيم الجوزية الزرعي واسماعيل بن كثير الشر كويني ، فاتفق ان ابن قيم الجوزية سافر الى القدس الشريف ورقى على منبر في الحرم ووعظ وقال في اثناء وعظه بعد ان ذكر المسالة : وها انا  راجع فلا ازور الخليل ، ثم جاء الى نابلس وعمل له مجلس وعظ وذكر  المسالة بعينها حتى قال : فلا يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام اليه الناس وارادوا قتله فحماه منهم والى نابلس ، وكتب اهل القدس واهل نابلس الى دمشق يعرفون صورة ما وقع  منه ، فطلبه القاضي شمس الدين بن مسلم الحنبلي واسلم على يديه فقبل توبته وحكم بإسلامه وحقن دمه الى اخره ..........

وقد تبع ابن القيم شيخه ابن تيمية في جميع ضلالاته ، فقد ذكر في كتابه بدائع الفوائد ابياتا ونسبها لأبي الحسن الدارقطني زورا وكذبا قال فيها :

ولا تنكروا وانه قاعد         ولا تنكروا انه يقعده.

قلت : الدارقطني كان يجل الاشعري فلو كان من المجسمة لكان اكره الناس عليه ، فلعنة الله على المفترين ..........

ومن راجع  القصيدة النونية لابن القيم وجدها محشوة بالتجسيم فقد صرح فيها بحوادث لا اول لها لم تزل مع الله وان الله بزعمه فوق سماوته على عرشه بذاته .... وانكر فيها صحة حديث حياة الانبياء في قبورهم ، وان التوسل بزعمه شرك نساله الله السلامة والعصمة .

وفي اخر عمره انتهى بالتوبة .

واما رئيسهم  ابن تيمية فقد استتيب مرات وهو ينقض مواثيقه وعهوده في كل مرة حتى حبس بفتوى من القضاة الاربعة الذين احدهم شافعي والاخر مالكي والاخر حنفي والآخر حنبلي وحكموا عليه بانه ضال يجب التحذير منه كما قال ابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ وهو من تلامذة ابن تيمية ، واصدر الملك محمد بن قلاوون منشورا ليقرا على المنابر في مصر وفي الشام للتحذير منه ومن اتباعه . والاستنابة المكتوبة بخط يده اي ( ابن تيمية ) هي مسجلة في كتاب نجم المهتدي وعليها توقيع العلماء ....

لقد ذكرت ايضا موطأ  الإمام مالك رضي الله عنه بان العلماء انتقدوه كما انتقدوا السنن وان في الموطأ احاديث ضعيفة هذا والله بهتان عظيم . اعلم ان الحافظ السيوطي فقد تقولوا عليه انه قال : " تنبيه اخر " ذكر الحافظ بن حجر في تخريج احاديث الرافعي أن حديث ابن عباس مختلف في ثبوته فنبه بذلك  على فائدة مهمة من اصطلاح الحديث وقد أحببت أن أبيها لان من لا إلمام له بعلم الحديث لا يفهم مراده بذلك وربما توهم ان ذلك قدح في الحديث كما راى من لا معرفة له في الفن قول الترمذي في حديث : " انا دار الحكمة وعلى بابها " في بعض  النسخ هذا حديث منكر فظن انه اراد انه باطل او موضوع لعدم علمه بالمصطلح وجهله ان المنكر من أقسام الضعيف الوارد لا من أقسام الباطل الموضوع وإنما هذا لفظ اصطلحوا عليه وجعلوه لقبا لنوع محدود من انواع الضعيف كما اصطلح  النحاة على جعلهم الموصول مثلا لقبا لبعض انواع المعرفة وقد وقع للخطيب البغدادي انه روى في تاريخه حديثا باطلا وقال عقبه هذا حديث منكر فتبعه  الذهبي في الميزان وقال : العجب من الخطيب كيف يطلق لفظ المنكر على هذا الخبر الباطل ووصف في الميزان عدة احاديث في مسند احمد وسنن ابي داود وغيرهما من الكتب المعتمدة بانها منكرة بل وفي الصحيحين ايضا وما  ذاك  الا لمعنى يعرفه الحافظ وهو ان النكارة ترجع الى الفردية ولا يلزم من الفردية ضعف متى الحديث فضلا عن بطلانه وطائفة كابن الصلاح ترى ان المنكر والشواذ مترادفان وكم في الصحيح من حديث وصف بالشذوذ كحديث مسلم في نفي قراءة البسملة في الصلاة فان الامام الشافعي رضي الله عنه حكم عليه بالشذوذ وليس لك ان تقول قد شرطوا في الصحيح ان لا يكون شاذا فكيف يستقيم ان يكون مخرجا في الصحيح ويحكم عليه بالشذوذ لان هذا ايضا من عدم معرفتك بالضعف ، فان ابن الصلاح لما ذكر ضابط الصحيح وشرط ان لا يكون شاذا قال في اخر الكلام : فهذا هو الحديث الذى يحكم له بالصحة بلا خلاف بين اهل الحديث ......الى ان قال : .....ذكر الحاكم في المدخل ان الصحيح من الحديث ينقسم الى عشرة اقسام خمسة متفق عليها وخمسة مختلف فيها .... قال الحاكم فهذه الاقسام ذكرتها لئلا يتوهم متوهم انه ليس بصحيح الا ما اخرجه البخاري ومسلم انتهى . .....ويقول المعلق على كتاب الحافظ : وفي هذا الكتاب الجليل من نفائس الصناعة الحديثية ما لا يعرفه المتبحر في الفن كمؤلفه فليحذر المرء من الاقدام على التكلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم وليمعن في تحصيل الفن حتى يطول باعه ويرسخ قدمه ويتبحر فيه لئلا يدخل في حديث من تكلم بغير علم لعنته ملائكة السماء والارض. ولا يغتر بكونه لا يجد من يتكر عليه في الدنيا فبعد الموت يأتيه الخبر اما في القبر او على الصراط والنبي صلى الله عليه وسلم هناك يخاصمه ويقول له كيف تجازف في حديثي وتتكلم في ما ليس  لك به علم فأما ان ترد شيئا قلته واما ان تنسب الى مالم اقله اما قرات فيما انزل علي " ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا" فيا خيبته يومئذ ويا فضيحته هذا ان مات مسلما والا عوقب والعياذ بالله بسوء الخاتمة كما يقول الخطاب على المنابر في بعض الخطب والذنوب فرب ذنب يعاقب العبد عليه بسوء الخاتمة ، وكما نقل الشيخ محي الدين القرشي الحنفي في تذكرته عن الامام ابي حنيفة رضي الله عنه انه قال : اكثر ما يسلب الناس الايمان عند الموت واكبر اسباب ذلك الظلم وأي ظلم اعظم من الجرأة على الخوض في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير علم نسال الله السلامة والعافية  

وجاء ايضا من مصدر اخر دفاعا عن الامام مالك و نقلاعن القاضي عياض بعد كلام قرره ما نصه : وانت اذا نظرت لأول وهلة منازع هؤلاء الائمة ومأخذهم في الفقه واجتهادهم في الشرع وجدت مالكا رضي الله ناهجا في هذه الاصول مناهجا مرتبا لها مراتبها ومدارجها مقدما كتاب الله عز وجل على الاثار ثم مقدما لها على القياس والاعتبار تاركا منها مالم تتحمله الثقات العارفون لما تحملوه وفيه ايضا قال ابن اويس : سمعت مالكا يقول : ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه لقد ادركت سبعين ممن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الاساطين واشار الى المسجد ، فما اخذت عنهم شيئا وان احدهم لو ائتمن على بيت مال لكان امينا الا انهم لم يكونوا من اهل هذا الشأن قال ابن عينية ما رأيت احدا اجود أخذا للعلم من مالك ولا اشد انتقادا للرجال والعلماء منه انتهى وليت هذا الرجل طالع شيئا من كتب الاصول او المصطلح ليعلم انه لا يحتج الا ببعض الصحيح او الحسن وان الضعيف قسم من المردود ومن المعلوم الشائع ان الحديث الضعيف انما يعمل به في فضائل الاعمال على ما نقله النووي عن العلماء وقيده ابن حجر بان يندرج تحت اصل عام وان لا يشتد ضعفه وان لا يعتقد ثبوته . وخالف في ذلك ابن العربي فقال الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقا وهذا شيء يعرفه صغار الطلبة فليت شعري هل اعتقد هذا الغبي ان مالكا يجهل ما تعرفه الصغار، او لا يميز بين الصحيح والسقيم من الاخبار او يتلاعب بالشريعة المطهرة او يقصد اضلال امة المحمدية فيلبس عليهم امر دينهم فيترك القوى ويأخذ بالضعيف  سبحانه هذا بهتان عظيم ولعمرى ان هذا الرجل قد فضح نفسه بإظهار شدة جهله وسوء حفظه وخسارة عقله ولقد صرح الائمة بان المبتدعة بعد موتهم يصيرون في ستر الله ولا يحل ان يذكر من عيوبهم الا ما فيه نصيحة للامة لما صح من الامر يذكر محاسن الاموات والكف عن مساويهم فكيف نترك المحاسن ونخترع عيوب من لا عيب فيه من ائمة الدين واعلام المجتهدين انا لله وانا اليه راجعون واتباع الهواء ورقة الديانة وغلبة الجهل  . توجب اكثر من ذلك هذا ومن المعلوم لكل احد ان الاحاديث التي يحتج بها مالك رضي الله عنه ومدار مذهبه عليها هي ما في موطئة الذى قال فيه الشافعي رضي الله عنه ما على وجه الارض بعد كتاب الله اصح من كتاب مالك رضي الله عنه ، وشهادة هذا الامام لا يحتاج معها الى شيء ولا يعاد لها شيء ولا يلتفت لغيرها ان وجد وقال الحافظ ابو زرعه لو حلف رجل بالطلاق على احاديث مالك التي في الموطأ انها صحاح كلها لم يحنث ولو حلف على حديث غيره كان حانث اهــ . نقل ابن فرحون في الديباج والبرزلي في نوازله عن عياض في  المدارك والحطاب وغير واحد وانشد في الديباج لعياض :

اذ ذكرت كتب الحديث فحيهل                  بكتب الموطأ من تصانيف مالك

اصح احاديثا واثبت حجة                        واوضحها في الفقه نصا لسالك

عليه مضى الاجماع من كل امة                على الرغم خيشوم الحسود المماحك

فعنه فخذ علم الديانة خالصا                     ومنه استفد شرع النبي المبارك

وشد به كف الصيانة تهتدي                     فمن حاد عنه هالك في الهوالك

وقال شعيب : اذا قال مالك بلغني فهو اسناد قوي . وسئل الامام احمد رضي الله تعالى عنه عمن يريد ان يكتب الحديث وينظر في الفقه حديث من يكتب وفي رأى من ينظر؟ فقالحديث مالك ورأى مالك وقدمه على الاوزاعي والثوري والليث وحماد والحكم في العلم وقال هو امام في الحديث والفقه وقال مالك اتبع من سفيان واذا رأيت الرجل يبغض مالكا فاعلم انه مبتدع . وقال ابن معين مالك من حجج الله......... وقال  الشافعي : مالك استاذي وعنه اخذت العلم وما احد امن علي من مالك وجعلت مالكا حجة بيني وبين الله تعالى الى اخره ......

اعلم ان من انتقد الامام مالك والموطأ فهو جاهل عنيد ومبتدع .

وقد ذكرت بان صحيح الحاكم يأتي قبل الموطأ وهذا خطا والموطأ تأتي بعد كلام الله عز وجل  ومعلوماتك باطلة باطلة باطلة .

وجاء في المثل : يفعل الجاهل بنفسه كما يفعل العدو بعدوه .

وانك ذكرت سنن ابن ماجه وقلت : قال الحافظ بن حجر : كتابه في السنن جامع جيد ..... وفيه احاديث ضعيفة جدا حتى بلغني ان السرى كان يقول : مهما انفرد بخبر فيه احاديث كثيرة منكرة ، ثم وجدت بخط الحافظ شمس الدين محمد بن على الحسيني سمعت الحافظ المزي يقول : كل ما انفرد به ابن ماجه فهو ضعيف . ثم طلبت مني رأي في نقد العلماء لسنن الدارقطني  

اولا التقول الاول : على الحافظ ابن حجر التقول الثاني : على السري واسمه : ابو الحسن سرى بن الغلس السقطي  خال الجنيد واستاذه ، وكان تلميذ معروف الكرخي . وكان اوحد زمانه في الورع واحوال السنن وعلوم التوحيد ، وكان رضي الله عنه يقول : اقوى القوة ان تغلب نفسك ومن عجز عن ادب نفسه كان عن ادب غيره اعجز . ايعقل  ان مثل  هذا التقي النقي ينتقد الحفاظ ما هذا الا بهتان عظيم .

اما المزي : فهذا الرجل فهو من اتباع ابن تيمية الذى اخذ التقول على العلماء من شيخه وجاء عنه : انه في ثاني عشري رجب قرا المزي ( بكسر الميم) فصلا من كتاب افعال العباد للبخاري في الجامع فسمعه بعض الشافعية فغضبوا وقالوا نحن مقصودون بهذا ورفعوه الى القاضي الشافعي فامر بحبسه ، فبلغ ابن  تيمية فتوجه الى الحبس فأخرجه بيده فبلغ القاضي فطلع الى القلعة فوافاه ابن تيمية ، فتشاجرا بحضرة النائب الى اخر القصة ......وكل ما جئتني به فهو باطل ومردود عليك، وكل مل بنى على الباطل فهو باطل.

من الذى كحاطب ليل؟   من الذى لا يميز بين الصحيح والسقيم انا ام انت    ؟

من الذى ينقل التقولات والافتراءات والكذب انا ام انت   ؟

من الذى يدعى العلوم وهو اجهل الجهال

وخلاصة القول: الاخطاء التي ارتكبتها وهي :

-الاساءة للصوفية -   تكفيرك للأولياء الصالحين – نكرانك افضلية حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم على الملائكة ، والحكم الصادر في ذلك :

- نكرانك التوسل بالنبي والولي  - اعتقادك ان ابوا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في النار

- قولك : من يحتفل بالمولد النبوي الشريف من اهل الجحيم .

- تكذيبك لاحاديث الزيارات  – التقولات على الامام النووي والحافظ ابن حجر وغيرهم .

تكذيبك للرؤية الصادقة – خروجك عن الاجماع والسنة وذلك باعترافك  .

ضف على هذا التناقضات والمراوغات في الاجوبة والتزييف والافتراءات والكذب  .

والملاحظ من خلال هذه الاخطاء تهجمك على حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وجلبك التعاسة واللعنة من الخالق عز وجل .

واعلم ان هذه الاحكام والعقوبات تخص كذلك الالباني واتباعه وابن تميمة واتباعه .

واختم هذا الرد ببعض ابيات توسل بها الحافظ ابن حجر :

يا سيد الرسل الذى منهجه             حاو كمال الفضل والتهذيب

الى ان قال :

فاشفع لما دحك الذي بك يتقي         اهوال يوم الدين والتعذيب 

فلأحمد بن علي الثري في            مأهول مدحك نظم كل غريب

قد صح  ان ضناه زاد وذنبه           اصل السقام وانت خير طبيب

وذكر الحافظ السخاوي في الذيل على دول الاسلام قصيدة قراها امام سيد الاولين والاخرين صلى الله عليه وسلم جاء فيها ما نصه :

اكرر تسليمي مدى انه                  شفاء لقلبي من اليم فراقه

واهدى الى القبر الشريف تحية         على قدر حالي في عظيم اشتياقه  

عسى تبلغ الآمال منه بنظره           الي فان يفعل بفوز الاقه

هذا الحافظ  السخاوي أيقال عليه انه  قبوري أو فعل فعلة الشرك  وكذلك  الحافظ  ابن  حجر.

والذي استنبط كلمة قبوري كانه عند وفاته سيدفن في ارض غير ارضنا هذه: وانت كالهدهد تبعت الوهابيين وستحشر مع من تحب .

لقد لعب بك القرين واستحوذ عليك اللعين وحوطتك الشياطين وابعدوك عن اليقين

                 لقد إنتهى الرد و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب .

من محمد الكامل الأشعري المالكي الصوفي الجزائري والله سبحانه و تعالى أعلم و صلى الله على سيدنا محمد و آله وسلم.


 
قبل كل شيء
حياة الهادى البشير
 أهل البيت عليهم السلام
التاريخ الإسلامي
الخلفاء الراشدين
ابو بكر الصديق
عمر بن الخطاب
عثمان بن عفان
على بن أبى طالب
جعفر الصادق
الأئمة الأربعة
أركان الإسلام
مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم
دعوات قرآنية





















 
 
Ben Azzouz  

جميع حقوق النشر محفوظة© لعائلة بن عزوز