Ben Azzouz
 
 
اللهم صل على سيدنا محمد الخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم
طباعة  أخبر صديقك
[ربنا]   [ديننا]   [نبينا]   [الإمام مالك بن أنس]   [التصوف]   [الطريقة العزوزية]   [أبرياء من الشعوذة]

  [مع مذاهب الإخوة]   [ندائنا لأهل الكتاب]   [لفتة إلى الساسة]    [الرد على الخراشي]
  [الرد على فيصل من تونس ] [تعليق محمد الكامل بن عزوز ]




بسم الله الرحمن الرحيم

صدرت أخيرا على شبكة الانترنت من قبل شخص يدعى سليمان بن صالح الخرّاشي، مقالة  اِدعى فيها بأن الشيخ المكي بن عزوز– رضي الله عنه – اعتنق السلفية، وبناءا على هذا ارتأيت إلا أن أرد عليه بما وفقني الله عز وجل، رغم أني لم أكن أهلا لهذا الميدان.

أقول وعلى الله فليتوكل المتوكلون، وبعد، :

قال صاحب المقال: أن الشيخ المكي بن عزوز كان من دعاة القبورية المناوئين لدعوة الكتاب والسنة ، أقول : إن مثل الشيخ المكي بن عزوز المعروف بكفاءته العلمية والدينية، وبخبرته السياسية يتّهم بالجهل والضلال من شخص يدعى سليمان بن صالح الخرّاشي.

وأما قولك : وقد ألف عدة كتب منها كتابه

" السيف الرباني في عنق المعترض على الغوث الجيلاني "

يرد فيه من أنكر على كرامات الشيخ الشهير عبد القادر الجيلاني وما نسب إليه من خرافات، وجوز "الاستغاثة بالأموات" نعم إن شيخنا جوز الاستغاثة بالأموات وهاأنا أسرد الباب الذي أخفيته في مقالتك . قال شيخنا المكي في كتابه " السيف الرباني " باب جواز الاستغاثة بالأولياء وإثبات استغاثتهم : وقوله وأن يدعي فعل الله فيقول أطفئ الحريق عن بيتك وأصون حريمك ألخ أقول : لمثل ذلك فليتعجب المتعجبون يزعم الرجل أنه دارس تأليف الشعراني والحاتمي والسهروردي وأمثالهم ويجهل الضروريات من اصطلاحات القوم ومقاصد تغييراتهم وفنون كرامتهم فأقواله تناقضت منطوقا ومفهوما، وهذا المذهب الذي سلكه في هاته المسألة هو مذهب الوهابية من الخوارج ، حيث ضللوا السواد الأعظم من المسلمين باستغاثتهم بالأولياء والأنبياء وتوسلهم إلى الله بهم وجعلوا المسلمين مشركين لذلك ولو عرفنا تاريخ عصر صاحب هاته الرسالة لعرفنا المتابعة بينه وبين ابن عبد الوهاب رئيس تلك الطائفة الذي كان ابتداء ظهوره سنة 1143 هـ وأيهما المقتدي بصاحبه ومن ذا من أهل السنة يعتقد تأثير الولي في إغاثته لمن استغاث به وفي حراسته لمريده غيبا، وهل فعل الولي لنحو ذلك إلا كفعل السيد لعبده، والأب لولده، والملك لرعيته، بحسب اقتدارهم وغاية الفرق بينهما أن المذكورين لا يقع منهم ذلك إلا بحضورهم أو حضور المباشر بإذنهم، والولي يستوي حضوره وغيبته خرقا للعادة وهو معنى الكرامة التي استقر على إثباتها للأولياء رأي أهل السنة، فالفاعل على الحقيقة هو الله تعالى سواء كان الفعل ظاهريا أو باطنيا . " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" وإنما المزية معتبرة فيمن أجرى الله ذلك عل يده كسبا لا تأثيرا، هذا مراد القائل بذلك من أهل السنة سواء قاله الولي على نفسه نصحا وتحدثا بنعمة الله أو قاله غير الولي واصفا للولي بنحو ذلك، وهذا المعنى هو الممتزج بقلوب العامة وان قصرت ألسنتهم عن التعبير بلفظ يؤديه فكيف يقصر عن قصده العلماء ، مثل العفيف صاحب الفتح الرباني فضلا على مثل الإمام الجيلي حتى نضطر إلى نفيه عنه رأسا فجحود المعترض لذلك وإنكاره أما تحاملا لرقة دينه وأما قصورا لضيق عطنه وكلاهما ليس بكمال حيث لم يترك الكلام.


فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة **** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم


وقد روى الإمام الشعراني في فضائل الشيخ سيدي عبد القادر أنه قال : أحفظك وأنت غافل، قلت: ليت شعري ما يقول المعترض في الأحاديث الكثيرة الواردة في نفع الأولياء العمومي كأحاديث الأبدال التي منها قوله – صلى الله عليه وسلم – لا يزال أربعون رجلا من أمتي على قلب إبراهيم يدفع الله بهم عن أهل الأرض . وفي رواية : بهم تقوم الأرض وبهم يمطرون وبهم ينصرون روى ذلك الطبراني بإسناد صحيح وأبو نعيم وغيرهما وقد ذكر جماعة من فحول العلماء نفع الولي لمن يستجير به وحضوره وتصرفه وجواز ندائه في الشدائد فممن ذكره الحاتمي والثعالبي والشعراني والمناوي والشمس الرملي والشهاب الرملي والبرلسي في كتابه" الآيات البينات في إثبات كرمات الأولياء في الحياة وبعد الممات"، والشيخ عبد الباقي المقدسي في "السيوف الصقال في رقبة من ينكر كرامات الأولياء بعد الانتقال" وشيخ الإسلام سيدي إسماعيل التميمي والشيخ عمر المحجوب قاضي الحضرة التونسية وشيخ الجماعة بفاس الشيخ الطيب بن كيران وشيخنا المقدس سيدي أحمد دحلان شيخ الإسلام بمكة أدام الله شرفها والشيخ حسن العدوي وغيرهم والمشاهدة أقوى دليل، وقال الشعراني يستحب للولي أن يحمي نفسه وأصحابه بالحال والكرامة.



وقول المعترض: إنما هي كلام المحجوبين وكلام العارفين عكسها أي شيء يراه المحجوبون فيتكلموا به وإنما كلام متعلقات الباطن وكشوفات الملكوت والتحدث بالنعم الخاصة لا يكون إلا للعارفين ومن خرق الله لهم الحجب وصرفهم فيما شاء "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم". وقوله : وان يستخف بحسب رجل من آل النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : أنت جويهل إليكع.

أقول : لم يستخف الجيلي بهذا الشريف بل هي تربية وتأديب وعظة وتهذيب وكان هذا المعترض لم يطرق سمعه ولا طالع في كتاب فضلا على المشاهدة كيفية استطالة المشايخ المربين على محبوبيهم من المريدين وزجرهم الشديد وربما شتموهم وطردوهم وهم أحب إليهم من أفلاذ أكبادهم والمريدون صاغرون وبإذلالهم متلذذون بل يقع ذلك من أشياخ العلم للمتعلمين (( عند الصباح يحمد القوم السري)) فلسان حال هذا المعترض ينادي بأنه لم يصحب الأساتذة ولا قطن بأمصار العلم، ولا كحل عينيه بالنظر في كتب القوم، وما أخال ذلك كله جهلا، فالأقرب التحامل والحسد يجر إلى أكثر من ذلك: قد يقدم العير من ذعر على الأسد (ومن يضلل الله فلا هادي له) وحيث كان النقيب الذي وعظه الجيلي منصفا مستعدا لما أريد به، لم يتحرج من شدة نصح الجيلي، كما هو في آخر الكتاب الذي نقل منه المعترض، وقد أخفاه، فض الله فاه، وتمامه بعد قوله : إن عمل معه كلامي فسيعود، قال فلم يزل بعد ذلك يحضر مجلسه ويأتيه في غير وقت المجلس، فيقعد بين يديه متواضعا متصاغرا رحمه الله تعالى أهـ وفي رواية : لما قالوا للإمام الجيلي لقد بالغت في القول له، قال : إنما هو نور جلى ظلمته وكل ميسر لما خلق له.

وقد ذكرت بأن الألوسي بعث إلى شيخنا المكي بن عزوز بخطاب وعظي رفيق وأن أحوال الشيخ تغيرت بعد انتقاله من تونس إلى الأستانة.



أعلم أيها الأخ الكريم أن بعد انتقاله من تونس إلى الأستانة ألف رسالتان :

الأولى : هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام مالك " طبعت للمرة الأولى بمطبعة روشن في أستنبول عام 1327 هـ. وإليك ما جاء في مقدمة هذه الرسالة : بعد البسملة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد : فيقول الفقير إلى الله محمد المكي بن عزوز، أقر الله عينه بفضله ورحمته، وجعله من الفائزين الشاكرين لنعمته، هذه ورقات كتبتها تذكرة لمن يعلم، وتبصيرة لغيره خدمت بها فقه مذهبنا المالكي في مسألة القبض في الصلاة وقد جاء في الشريعة نهي ووعيد لمن علمه الله علما يتعلق بالدين فكتمه.

الثانية : النفحات الرحمانية في مناقب رجال الخلوتية " طبعها في دار السعادة (استنبول) عام 1327 هـ بمطبعة روشن وهذه المقدمة : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وسلم . الحمد لله الذي صقل قلوب المهتدين بصقيل الذكر، وأسبح العارفين في بحر ملكوته على سفينة الفكر، نحمده جل جلاله على آلائه الوافرة، حمدا كثيرا يوافي نعمه الباطنة والظاهرة ونشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمدا رسوله ومصطفاه، -صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين أبد الأباد .وعلى آله وصحابته المباركين الأمجاد.



أما بعد : فإني منذ خرجت من مكتب القرآن وحضرت الدروس، وعانقت جواهر المسائل في نحور الطروس، ولعت بمناقب الصالحين وانتشاق أسرارهم، ولطائف العلماء ورقائق أنظارهم، لاسيما الأساتذة الأكابر، المحرزين صبابة القلوب أو رياسة المحافل والمحابر، لا يشغلني عن تقييد شواردها عناء السفر، ولا يلهيني عن اغتنام فرصتها مؤانسات الحضر، لا فرق عندي في اكتناز أحوالهم المنيرة، كانوا في سالف الزمان أو في العصور الأخيرة، من سائر أتباع الأئمة المهتدين، ومن أي طريقة كان مشربهم المعين، اتردد على أعتابهم مجلا لهم وإن لم أتأدب بآدابهم ومما ينسب للإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنه –



أحب الصالحين ولست منهم ****** لعلي أن أنال بهم شفاعة

وأكره من بضاعته المعاصي ****** وإن كنا سواء في البضاعة



حتى أجتمع في دفاتري من ذلك ما لم يجتمع عند غيري، ولو قطع في طلبه أعمر المسالك خصوصا ما يتعلق بالطريقة، ويصلح لمحاضرات أهل الذوق أو الشوق إلى علم اتحاد الشريعة والحقيقة بحيث يقول اللبيب ما أحقها بأن يضمها عارف فقيه بترتيب المعارف، لئلا يواريها نسيج عناكب الزمان وتضيع في زوايا الإهمال والنسيان، وفيها كثير مما لم يودع في تأليف شهير أو كان من مبتكرات رجال القرن الأخير. ومعلوم أن التأليف في تعاريف الفضلاء عديدة، وكل منها له حد يخصص من تعلق به غرض مؤلفه من زمان: كالدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة للإمام ابن حجر، أو مكان كمعالم الإيمان في تراجم أهل القيروان لابن ناجي، أو مذهب: كالديباج لابن فرحون المالكي، أو فن مخصوص كتأليف الطبقات، وكلها متناسقة الفوائد، مشحونة بما يناسب من الفرائد.

وقد مال خاطري في السنين السالفة إلى أن أصنف كتابا في تراجم رجال من الطريقة الخلوتية وآدابها وإزالة ما ألحقه بها بعض من لم يدرك أصولها المبنية على الكتاب والسنة أداء لحق شيوخنا - رضي الله عنهم – إذ هم السبب لنا ولأسلافنا ولإخواننا في الاعتناء بذكر الله واستعمال آدابه وما يتبع ذلك من المعارف والمواهب الربانية، فكتبت نصيبا منه، ثم عرضت موانع وقتية أكسلتني، والموانع عن الخير كثيرة، فذاع ذكره بين الإخوان إلى أقاصي البلدان، حتى ألح علي في الطلب جم غفير من فضلاء الزمان، من العلماء والأدباء والمشايخ، ومن لهم رغبة في الذكر والتذكير لأهل الإيمان، فجددت العزم، وشددت منطقة الحزم، مستعينا بالله فيما كنت كتبته، وجمع ما في مختلف الرقاع قيدته، ومن حسن قدر الله تعالى تأخيره إلى الآن، لأني لما ارتحلت إلى الشرق، وقفت على عدد وافر من تراجم كبار من أولياء وعلماء في كتب اللغتين التركية والفارسية وكذلك جماعة من الأقطار المصرية والشامية زيادة على ما كنت ظفرت به وفي الحقيقة طرائق أهل السنة كلها طريقة واحدة، ومذاهبهم مذهب واحد (واعتصموا بحبلي الله جميعا ولا تفرقوا).

وسيأتي الكلام في بيان أصول الطريق وفروعها وارتباط بعضها ببعض إن شاء الله

فإن لم يكنها أو تكنه فإنه ****** أخوها غذته أمها بلبانها

نلاحظ هنا أن تاريخ رسالة الألوسي سنة 1313هـ وتاريخ الرسالتين للشيخ المكي سنة 1327 هـ معنى هذا : الفرق بينهما أربع عشرة عام، ولو كان كما زعمت بأن أحوال شيخنا تغيرت لما ألف الرسالتين المذكورتين.

يبدو أن نصائح الألوسي لم تأخذ بعين الاعتبار من طرف شيخنا، وكل ما ذكرته فهو مردود عليك، لأن الشيخ المكي بن عزوز لم يتخلى عن مذهبه المالكي واعتقاده الأشعري وطريقته الصوفية الرحمانية الخلوتية العزوزية.



كما أحيطك علما، بأن آخر ما ألف في الأستانة كتابه " عمدة الإثبات في الاتصال بالفهارس والإثبات " جاء ذلك في كتاب تراجم المؤلفين التونسيين " لمحمد محفوظ" حيث ذكر ما يلي : وهي أوسع وأفيد ما كتب في هذه الصناعة، ألفها برسم الشيخ عبد الحي الكتاني عام 1330 هـ / 1912 م بالأستانة، ولعلها آخر ما ألف، ذكر فيها الذين أجازوه عامة، وعددهم ينيف على الثمانين شيخا منهم نحو إثنى عشرة بالمراسلة والباقي شفاهة أفتتحها بسند حديث الأولياء، ثم ذكر الإثبات بعد ترتيبها على حروف المعجم، وذلك وفق اقتراح الشيخ عبد الحي الكتاني، وغاية ما ذكر منها نحو 148، وأما باعتبار مؤلفيها وتعدد من ذكره فهو 129 لأن بعضهم له فهارس متعددة كمرتضى الزبيدي،والكوراني، وابن عقيلة، ثم ساق إسناده العالي في القراءات وهي في نحو خمس كراريس .قال الكتانى.

(( بوقوفك على العمدة المذكورة تعلم وتتحقق أن الأستاذ ابن عزوز كان فذ مصره في سعة الرواية والاعتناء وعلو الاهتمام والهمة، وأن الصقع التونسي ما أنجب مثله في هذا الباب منذ أحقاب، ولكنه ممن ضيعه قومه ولله الأمر من قبل ومن بعد )). وهذا لا يحتاج إلى تعليق، وبكتابه العمدة الذي ألفه الشيخ سنة 1330هـ، يتضح جليا أن شيخنا بقي على حاله ومذهبه واعتقاده وطريقته.

وحسب زعمكم أن الشيخ قال : وإني أحمد الله على أن أنقذني من أسر التقليد، وصرت أصلي بالقبض والرفع … هذا يحمل تناقضات واضحة، أنظر الرسالتين المذكورتين وكتابه " تنوير الحوالك في أن رفع اليدين في الصلاة هو الراجع من مذهب مالك ، وبهذا يبطل ما نسب لشيخنا المكي .


وذكرت أيضا أن الشيخ المكي القى له في المنام قوله تعالى " سيقول السفهاء من ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله " وقمت بها من المنام على لساني، هذا موجه إلى كل من افترى على الشيخ المكي.

وجاء الإمضاء في الرسالة المزعومة : " محمد المكي بن عزوز التونسي " وهذا مما يؤكد بأن الرسالة مزيفة أو لا أصل لها في الوجود، لأن الشيخ المكي بن عزوز كان يمضي كل ما يؤلف من كتب ورسائل وتقاريض بدون كلمة "التونسي" وعلى سبيل المثال، فإنه قرض كتاب " الغريبة الباردة في الصلوات الواردة " كالتالي:

كتبه مدرس التفسير والحديث الشريفين في دار الفنون بالأستانة العلية محمد المكي بن عزوز الجزائري 12 ربيع الأول سنة 1331 هـ.


أخرى في فتوى: كتبه خادم العلم والطريقة محمد المكي بن عزوز .

تقريض آخر : قرض كتاب مفيد الراغبين على بهجة الشائقين " كتبه فقير ربه محمد المكي بن مصطفى بن عزوز وفقه الله آمين. آمين. آمين غرة شهر رمضان المعظم سنة 1300هـ ونقل من خطه مباشرة سنة 1301 هـ إلى أخره. وأنا أتحدى كل من يدعي العكس .

إجابة الألوسي على رسالة القاسمي

جاء فيها: سرني ما كان من المراسلة بين السيد محمد المكي وبين السلفيين في دمشق وهذا الرجل أعرفه منذ عدة سنين … إلى أن قال : والاستدلال بهذيان دحلان… وهنا السؤال المطروح لماذا الألوسي أذى الشيخ دحلان والجواب : لأن الشيخ الدحلان ألف رسالة رد فيها على الطائفة الوهابية.

وهذا تعريف بالشيخ دحلان: هو مؤرخ حجازي، ولد بمكة سنة 1232 هـ وتوفي في المدينة سنة 1304 هـ ألف في تاريخ الإسلامي والسنة النبوية والبقاع المقدسة وهو شافعي المذهب.

والشيخ دحلان ذكره الشيخ المكي في قائمة المشايخ الذين أجازوه وسماه بشيخ الإسلام، وجاء أيضا في الرسالة: أن الشيخ المكي بن عزوز كان يلتقي بابن العم علي أفندي ويسأله عن كتب الشيخين ويتشوق إليها.


يا سبحان الله   ما هذه الفرية ! ويقول الأستاذ محمد محفوظ في كتابه " تراجم المؤلفين التونسيين " ورحل (أي الشيخ المكي) إلى المشرق فأقام ببنغازي مدة، ثم انتقل إلى مصر والحجاز والشام. واجتمع بكثير من الأعلام واستجاز وأجاز واستفاد وأفاد ثم توجها إلى استانبول سنة 1313 هـ / 1894 م وتولى بها تدريس الحديث بدار الفنون ثم سمي مدرسا بمدرسة الواعظين . ونقل معه إلى استانبول خزانة كتبه متكلفا في ذلك المشاق، وهناك تمكن من توسيع مكتبته، ومدينة اسطنبول مقر لنفائس الواردة إليها من المشرق والمغرب، فهو مغرم دائما باقتناء الكتب أينما حل وارتحل، أقول :

  1. لو كان الشيخ كما زعمتم لما عين مدرسا للحديث.

  2. هل في مكتبة الشيخ لم يوجد كتب الشيخين؟


ومن نفس الكتاب ص 193 في ترجمة الشريف (1234 - 1307)هـ (1819 - 1889 م)جاء ما يلي محمد بن أحمد بن عبد الكبير بن محمد بن أحمد الشريف الحسيني الهندي الأصل، المحدث الفقيه، قرأ بجامع الزيتونة على والده ومشايخ الإسلام، بيرم، وابن خوجة، ومعاوية، وعلى المشايخ ، محمد النيفر الأكبر، والشاذلي بن صالح وغيرهم …

حصل على إجازات كثيرة في رواية كتب الحديث وسنده في صحيح البخاري عن الشيخ محمد بن الخوجة إلى أن يتصل بالحافظ بن حجر ولازم رواية صحيح البخاري بعد أن أصبح إمامه الأول، وأجاز الشيخ محمد السنوسي برواية صحيح البخاري …

ومن كتاب محمد بن الخوجة " تاريخ معالم التوحيد في القديم وفي الحديث " جاء في آخر الكتاب صفحة 335 : الخاتمة في تاريخ نشأة أختام الحديث الشريف بتونس. قال : أعلم أن العناية بالأحاديث النبوية قديمة في الإسلام، لأنها تعلم المخلوق كيفية معاملته لخالقه، واعتقاده الحق في ذاته، وصفاته تعالى، وكتبه، ورسله، وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام، وسيرهم الحميدة، وقصصهم، كما تعلم مصالح الدنيا، وكيفية معاشرة الخلق على الوجه الحسن، وكيفية تعامل الناس بين بعضهم على الوجه الأجمل، وعلم الحديث تتعلق به علوم منها، تفسيره، ومنها علم المصطلح، وهو علم يعرف به قوة سنده الذي به وصل إلينا، وتراجم الرجال الناقلين له، كما يعلم به الأحاديث الموضوعة التي تنسب لصاحب الشريعة ولم يقلها – صلى الله عليه وسلم – وقد برع في هذا العلم كثير من أقطاب الملة، وانتهت صحة الرواية فيه إلى الرواة الستة أصحاب المساند المعروفة بكافة بلاد الإسلام، وهو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري المتوفي سنة 256 [ 869]، والإمام أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري المتوفي سنة 261 [874]، والإمام بن عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني المتوفي في سنة 273 [886]، والإمام أبو داوود سليمان بن الأشعت السجستاني المتوفي سنة 275 [888] والإمام أبو عيسى محمد بن عيسى الترميذي المتوفي سنة 279 [892]،والإمام أبو عبد الرحمن بن شعيب النسائي المتوفي في سنة 303 [915]، فهؤلاء الأئمة اتفق أهل الحديث على صحة كتبهم، كما أجمعوا على أن صحيح الإمام البخاري هو أفضلها على المذهب المختار، وأنه أول كتاب بعد القرآن كلام الله القديم، وأول كتاب صنف في الحديث كتاب إبن جريح، وقيل موطأ مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وتبع الكلام إلى أن قال : فقد نقل المؤرخ ابن أبي دينار، أن لأهل تونس اهتماما عظيما بمجالس الأختام واحتفالا كبيرا بها، حتى إنهم يشتغلون بها عن كل ما سواها، قال : ويغلقون حوانيتهم، وينادي المنادي فيهم ألا إن الختم لجامع البخاري غدا صباحا أو عشية في موضع كذا فيفزع الناس، ويتسارعون شيوخا وكهولا ، ذكورا وإناثا وربما دام الختم عندهم من طلوع الشمس إلى قرب الزوال أهـ .

وأما في زاوية سيدي مصطفى بنفطه التي تخرّج منها عدد كبير من العلماء منهم العلامة الشيخ عاشور بن محمد الذي ألف كتابا سماه " منار الإشراف على فضل عصاة الأشراف ومواليهم من الأطراف" جاء في ترجمته :

ومكابدة المؤلف شدائد التعلم الخالقية والخلقية لم يمض على المؤلف في التعلم مدة أعوام أقل من عشرة، حتى حصل على أكثر من عشرين علما من العلوم المعتبرة، على غاية الملكة والاقتدار فيها على التدريس والإفادة والتعليم، على سبيل التاصيل والتفصيل والتحصيل والتوصيل والتفهيم، وتحقيق المنثور والمنظوم، وتحرير المنطوق والمفهوم، ونهاية القدرة فيها على التأليف والتصنيف في المتون والشروح والحواشي، بما يزيل على القلوب الأوهام والغواشي، على سبيل النثر والإطلاق أو التشجيع … وتبع : ومن عليه الحسد حتى ملأ منه الجسد، ففي جيده حبل من مسد، يجره بين ذراعيه وجبهة الأسد، فإذا شلوه قد فسد، ومذهبه قد كسد، ولا يلومن إلا نفسه، ولا يكذبن إلا حدسه، وفي الحكمة لله در الحسد ما أعد له، بدأ بصاحبه فقتله.


اصبر على حسد الحسو ****** د فإن صبرك قاتله

كالنار تأكل بعضــــهــا ****** إن لم تجد ما تأكله

ولما قربت إجابة الأستاذ الشيخ الأكبر (1) دعوة المولى، إلى اللقاء بالرفيع الأعلى، دعا المؤلف إلى

سقيفة داره فقال له تفرغ من التعلم إلى التعليم، فإنك حصلت اليوم على أمر عظيم، فاعتذر له المؤلف كالمتنصل، فاهتز الأستاذ الشيخ الأكبر بالوجد المتحصل قائلا له ثلاث مرات : أنت تكلم وأنا أوصل، في الحياة أوصل وفي القبر أوصل، وأعلم أني أجزتك بما في ثبت الأمير وبجميع أسانيد المشاهير، ففرح المؤلف الفرح الأشد …

وبعد كل ما ذكرته يتضح جليا بالأكاذيب التي جاءت بها الرسالة المزعومة " بأن الشيخ المكي يتشوق لكتب الشيخين، وهذا يعتبر تطاول ليس على الشيخ المكي فحسب بل على كل المغاربة، حسبنا الله ونعم الوكيل .

وما دس على الشيخ المكي بن عزوز رضي الله عنه، دس على العلماء من قبله، ورحم الله الجلال السيوطي الذي نقل في كتابه " التحدث بالنعمة " ما صورته: ومما أنعم الله به علي أن أقام لي عدوا يؤذيني ويمزق في عرضي ليكون لي أسوة بالأنبياء والأولياء، قال رسول الله عليه السلام : أشد الناس بلاء الأنبياء ثم العلماء ثم الصالحين، رواه الحاكم في مستدركه، وأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام لا يفقد نبي حرمته إلا في بلده، وقال الجلال السيوطي رحمه الله واعلم أنه ما كان كبير في عصر قط إلا كان له عدو من السلفة إذ الأشراف لم تزل تبتلي بالأطراف، فكان لأدم عليه السلام إبليس وكان لنوح عليه السلام حام وغيره، وكان لداود عليه السلام جالوت وأضرابه، وكان لسليمان عليه السلام صخر، وكان لعيسى عليه السلام في حياته الأولى بختنصر وفي الثانية الدجال، وكان لإبراهيم عليه السلام النمرود، وكان لموسى عليه السلام فرعون، وهكذا إلى محمد ----صلى الله عليه وسلم- فكان له أبو جهل وكان لابن عمر عدو يعبث به كلما مر عليه، ونسبوا عبد الله بن الزبير إلى الرياء والنفاق في صلاته فصبوا على رأسه ماء حميما فزلع وجهه ورأسه وهو لا يشعر فلما سلم من صلاته فقال ما شأني فذكروا له القصة فقال : حسبنا الله ونعم الوكيل، ومكث زمانا يتألم من رأسه ووجهه، وكان لابن عباس رضي الله عنهما نافع ابن الأزرق كان يؤذيه أشد الأذى يقول أنه يفسر القرآن بغير علم، وكان لسعد ابن أبي وقاص جهلة من جهال الكوفة يؤذونه مع أنه مشهود له بالجنة، وشكوه إلى عمر بن الخطاب وقالوا أنه لا يحسن أن يصلي، وأما المجتهدون فلا يخفى ماقاساه الإمام أبو حنيفة مع الخلفاء، وما قاساه الإمام مالك واستخفاؤه خمسا وعشرين سنة لا يخرج لجمعة ولا جماعة، وكذلك ما قاساه الإمام الشافعي من أهل العراق ومن أهل مصر وكذلك لا يخفى ما قاساه الإمام أحمد بن حنبل من الضرب والحبس، وما قاساه البخاري حين أخرجوه من بخارى إلى خرتنك وقد نقل الثيقات منهم أبو عبد الرحمن السلمي وأحمد بن خلكان والشيخ عبد الغفار القوصي وغيرهم أنهم نفوا أبا يزيد البسطامي سبع مرات من بسطام بواسطة جماعة من علمائها وشيعوا ذا النون المصري من مصر إلى بغداد مقيدا مغلولا وسافر معه أهل مصر يشهدون عليه بالزندقة، ورموا سمنون المحب أحد رجال القشيري بالعظائم وأرشوا امرأة من البغايا فأدعت عليه أنه يأتيها هو وأصحابه، وأختفى بسبب ذلك سنة، وأخرجوا سهل بن عبد الله التستري من بلده إلى البصرة إلى أن مات بها، ورموا أبا سعيد الخراز بالعظائم، وأفتى العلماء بكفره بألفاظ وجدوها في كتبه، وشهدوا على الجنيد بالكفر مرارا حين كان يتكلم في علم التوحيد على رؤوس الأشهاد فصار يقرره في قعر بيته إلى أن مات.

وكان من أشد المنكرين عليه وعلى رويم وعلى سمنون وعلى ابن عطاء ومشايخ العراق ابن دانيال كان يحط عليهم أشد الحط وكان إذا سمع أحد يذكرهم تغبط وتغير لونه، وأخرجوا محمد بن الفضل البلخي من البلخ لكون مذهبه كان مذهب أهل الحديث، من إجراءات الصفات وأخبارها على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-الشيخ الأكبر هو الشيخ مصطفى بن الشيخ محمد بن عزوز

ظاهرها بلا تأويل والإيمان بها على علم الله فيها ، ولما أرادوا إخراجه قال : لا أخرج إلا أن جعلتم في عنقي حبلا ومررتم بي في أسواق البلد وقلتم هذا مبتدع نريد أن نخرجه من بلدنا ففعلوا ذلك وأخرجوه فالتفت إليهم وقال : يا أهل البلخ نزع من قلوبكم معرفته، قال الأشياخ فلم يخرج بعد دعوته عليهم تلك من بلخ صوفي أبدا مع أنها كانت أكثر بلاد الله صوفية، وأخرجوا الإمام يوسف بن الحسين الرازي قام عليه زهاد الري وصوفيوها، وأخرجوا أبا عثمان المغربي من مكة مع كثرة مجاهداته وتمام علمه وحاله وضربوه ضربا مبرحا وطافوا به على جمل فأقام ببغداد إلى أن مات بها، وشهدوا على الشبلي بالكفر مرارا مع تمام علمه وكثرة مجاهداته وأدخله أصحابه البيمارستان ليرجع الناس مدة طويلة، وأخرجوا الإمام أبا بكر النابلسي مع فضله وكثرة علمه واستقامته في طريقه من الغرب إلى مصر وشهدوا عليه بالزندقة عند سلطان مصر فأمر بسلخه منكوسا فصار يقرأ القرآن وهم يسلخونه بتدبر وخشوع حتى قطع قلوب الناس وكادوا أن يفتنوا به، وكذلك سلخوا النسيمي بحلب وعملوا له حيلة حين كان يقطعهم بالحجج وذلك أنهم كتبوا سورة الإخلاص وأرشوا من يخيط النعال ثم أخذوا ذلك النعل وأهدوه للشيخ من طريق بعيدة فلبسه وهو لا يشعر ثم طلعوا لنائب حلب وقالوا له بلغنا من طريق صحيحة أن النسيمي كتب قل هو الله أحد وجعلها في طباق نعله وإن لم تصدقنا فأرسل وراته وانظر ذلك ففعل، فاستخرجوا الورقة فسلم الشيخ لله تعالى ولم يجب عن نفسه وعلم أنه لا بد أن يقتل على تلك الصورة، وأخبرني بعض تلامذة تلامذته أنه صار ينشد موشحات في التوحيد وهم يسلخونه حتى عمل خمسمائة بيت وكان ينظر إلى الذي يسلخه ويتبسم، ورموا الشيخ أبا مدين بالزندقة وأخرجوه من بجاية إلى تلمسان فمات بها، وكذلك أخرجوا الشيخ أبا الحسين الشاذلي من المغرب إلى مصر وشهدوا عليه بالزندقة وسلمه الله من كيدهم، ورموا الشيخ عز الدين بن عبد السلام بالكفر وعقدوا له مجلسا في كلمة قالها في عقيدته، وحرشوا السلطان عليه ثم حصل له اللطف ذكره ابن أيمن في رسالته، ورموا الشيخ تاج الدين السبكي بالكفر وشهدوا عليه أنه يقول: بإباحة الخمر واللواط وأنه يلبس في الليل الغيار والزنا وأتوا به مغلولا مقيدا من الشام إلى مصر وخرج الشيخ جمال الدين الأسنوى فتلقاه من الطريق وحكم بحقن دمه، وانكروا على سيدي إبراهيم الجعبري وسيدي حسن الجاكي ومنعوهما أن يجلسا على كرسي الوعظ وغير ذلك مما ذكرناه وإنما ذكرنا لك محن هذه الأئمة من المتقدمين والمتأخرين تأنيسا لك لتقبل على مطالعة كتب الصوفية.

رسالة الشيخ المكي إلى مدير مجلة " الكويت "

هذه الرسالة مثل سابقتها تثير للدهشة والغرابة، حيث تحتوي على تناقضات تعكس مبادئ شيخنا، وهذا يعتبر من الدسائس التي يتعرض لها كل عالم، حيا كان أو ميتا، ونحن نرفض تماما الرسالة وخاصة الجزء الأخير منها، ولقد جاء عن الأستاذ محسن زكريا تلميذ الشيخ المكي بن عزوز الذي ترجم لشيخه وذكر نفس الرسالة ولكن أنهاها كالتالي: وبما كتبناه في هذه المقالة تعرفون سبب مسرتي بتعرفي بكم وذلك واضح. و لو كانت هناك زيادة لذكرها الأستاذ. وكل ما زيد فهو ملفق بالافتراءات والكذب.

والأغرب في الأمر أن الأستاذ علي رضا ذكر هذه الترجمة في كتابه" رسائل ابن عزوز " صفحة 16 وفي كتابه " المكي ابن عزوز حياته وآثاره" ذكر الرسالة الملفقة بكلام غير معقول وأقوال شنيعة، وما نسب لشيخنا فهو باطل ومردود. سواء كانت مصدرها من مجلة الشهاب أو من مجلة الكويت، وهؤلاء ليسوا بأنبياء ولا بملائكة.

وأنا أتساءل عن الدافع الذي جرى الأستاذ علي رضا ببث مثل هذه الرسالة ، وما دام نشرها في كتبه فهو موافق عليها، هذا بعد ما كنا نعتز ونفتخر به على الأعمال الجبارة التي قام بها والتي كلفته الكثير، ماديا ومعنويا، وجمع ما استطاع جمعه، وشكرنا جهده وسعيه، إذ قام بواجبه العلمي والعائلي، ولكن خاب ظننا فيه، إثر ارتكابه هذا الخطأ الفاضح المتعمد، ونحن لا نسمح لأي شخص مهما كانت ثقافته أن يسيء لشيخنا الجد، .

وهذا الخطأ يماثل الخطأ الواقع في كتابه " أعلام زاوية مصطفى بن عزوز" صفحة 129 حيث نقل قصيدة الشاعر الجزائري التي مطلعها

إن ترد عزة وفضل مزية **** فتلق الطريقة عزوزية

نسبها للأزهري بن الشيخ المبروك بن عزوز، وهي في الحقيقة للشيخ محمد الطاهر العبيدي الذي ذكر اسمه في آخر القصيدة فقال :

ما رجى الطاهر العبيدي التحاقا **** بأهالي الطرائق الأقدسية

وعنوان القصيدة هي النصيحة العزوزية في نصرة الأولياء والصوفية، من البحر الخفيف وقد طبعت بمصر سنة 1373 هـ وعدد أبياتها 66. وشيخه في الطريقة الصوفية المكي بن عزوز.

ونحن نطلب من هؤلاء الذين ادعوا بصحة الرسالة، أن يقدموا لنا أصل الرسالة التي كتبها الشيخ المكي بن عزوز بخطه،ليتضح الحق من الباطل. ورغم ما جاء في الرسالة من أوهام وزور وتلفيق من طرف المغرورين، هذا لا يمنعني أن أعلق على النقاط الخطيرة وهي كالتالي :

  1. قول الشيخ على حسب زعمكم : لا نعرف في بلادنا المغربية إلا التقليد الأعمى

  2. إنكار أصله .

  3. مدح الشيخ المكي ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

الجواب :

  1. هذا من تصانيف أعداء طريقتنا الصوفية وحاشا الشيخ المكي أن يتقول بمثل هذه التفهات ثم حاشاه، وكأن في مغربنا " الجزائر، تونس ، المغرب" لم يوجد فيها علماء ومحدثين .

ومما يبطل الرسالة المزعومة ماذكره الشيخ الحفناوي في كتابه ‘‘ تعريف الخلف برجال السلف ص 269 الجزء الثاني في باب ترجمة الإمام علي بن الحفاف الجزائري‘‘…

وكانت وفاة الإمام إبن حفاف يوم السبت صباحا عام 1307 هـ، وكنت في عشيت يوم الجمعة قصدته مع علامة المغربين والأوسط الشيخ المكي بن مصطفى بن عزوز، فزرناه، وطلب منه الشيخ الإجازة في البخاري خصوصا وفي غيره على ما أضن عموما فأجازه، وفي الغد سمعنا بوفاته فسبحان القدير على جمع من يشاء بمن يشاء متى يشأ. وكما تعلمون أن الإجازة تعطى لمن يستحقها.

وهذه إجازة الشيخ المكي لشيخ محمد الجنيد بن الحسين جاء فيها :

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فإن الإسناد في الدين من خصوصيات هذه الأمة المحمدية، ولذلك يعتني به أهل الهمم العلية، وباتصال الإسناد تسري التركة في العلم وفواتح الأمداد … إلى أن قال: ثم أجزت له مطلق الحديث والتفسير والفقه وعلوم العربية وغير ذلك من سائر الفنون والكتب المتداولة، كما أجزني بذلك شيوخ مغاربة ومشارقة، تناهز الثمانين مجيزا في العموميات والخصوصيات وذكر شيوخنا هنا والكتب بأسانيدنا إليها يطول ولنذكر هنا سندنا المسلسل بالمحمدين للإمام البخاري رضي الله عنه ، وعنهم ، أخذته سنة 1301هـ عن الشيخ سيدي محمد الشريف إمام جامع الزيتونة عن الشيخ محمد بن خوجة مفتي الحنفية بتونس … إلى الإمام محمد بن إسماعيل البخاري وقال رضي الله عنه ولنا أسانيد أخرى بالمحمدين إلى البخاري وإلى محمد بن عبد الله بن جحش الصحابي عن محمد - صلى الله عليه وسلم- وختم الإجازة .


والآن يكفي ما كتبناه ونذكر هنا سندا شريفا مباركا في الحديث وأعمال السنة، أخذته عن الشيخ سيدي محمد الربيعي بن مبارك البلعشي الحركاتي عن ولدنا عن أستاذه وشيخ فتحه سيدي الشيخ علي بن عمر الشريف عن الجد سيدي محمد بن عزوز عن الشيخ عبد الرحمان باش تارزي عن سيدي محمد بن عبد الرحمان عن الشيخ الحنفي بأسانيده المتنوعة لا سيما عن شيخه سيدي مصطفى البكري إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-، والمؤلفين في علوم الدين، وقد رأيت في مبشرت سنة 1329 في الأستانة أن هذا السند مبارك، وأنه يشمل أعمال السنة كلها والحمد لله .

ونوصى المجاز المذكور بتقوى الله والتثبت في مسائل العلم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين . كتب في 18 شوال 1332 هـ .

وإذا قرنت الإجازة بالرسالة المزعومة نلاحظ الإفتراءات الواضحة، وهذه الإجازة ذكرها الأستاذ علي رضا الحسيني في كتابه " محمد المكي بن عزوز " حياته وآثاره صفحة 72، وكيف لم ينتبه للتناقضات .

قول هاأنا ذا ****** ليس الفتى من يقول كان أبي

هذا كلام طفولي يخالف طبيعة شيخنا وأسلوبه، وإن الافتخار في ديننا الحنيف منهي عنه شرعيا، وشيخنا يعرف هذا جيدا، وجاء في المنقول : الأدب أدبان، أدب الغريزة وهو الأصل وأدب التعلم وهو الفرع، ولا يتفرع شيء إلا عن أصله ولا ينمى الأصل إلا باتصال المادة قال الشاعر :

ولم أر فرعا إلا طاب بأصله ****** ولم أر بدأ العلم إلا تعلما

وهذا الإدعاء المنسوب للشيخ المكي فهو باطل.

وأخيرا الكلام على مدح الشيخ المكي بن عزوز لأبن تيمية وتلميذه ابن القيم :

هذا أيضا كلام غريب، ولا يوجد دليل واحد في الكتب التي ألفها الشيخ، يثبت ذلك، وسأذكر هنا بعض أدلة تثبت جواز التوسل والإستغاثة والتبرك، وزيارة قبور الأنبياء والأولياء والصالحين زيادة على ما ذكره الشيخ المكي بن عزوز في كتابه "السيف الرباني ".

قال الإمام السبكي : ويحسن التوسل بالاستغاثة والتشفع بالنبي -صلى الله عليه وسلم -

إلى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثله. أهـ

وأيضا أن أول من أنكر زيارة القبور سواء قبور الأنبياء أو الأولياء والصالحين، هو محمد بن عبد الوهاب الذي تبع شيخه ابن تيمية الذي صرح في موضع بأن قصد القبر للدعاء عنده بدعة قبيحة، قال البهوتي صاحب " كشاف القناع " نقلا عن صاحب الفروع ما نصه " وقال شيخنا – يعني ابن تيمية – قصده – أي القبر – للدعاء عنده رجاء الإجابة بدعة لا قربة باتفاق. أهـ . وصاحب الفروع هو شمس الدين بن مفلح الحنبلي، وهو من تلامذة ابن تيمية، وقال في موضع آخر في " كشاف القناع " قال الشيخ يعني ابن تيمية – ويحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقا، ثم قال واتفقوا على أنه لا يقبله ولا يتمسح به، فإنه من الشرك، وقال والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر " أهـ .


هذه عبارته التي نقلها عنه البهوتي، وفي طي هذا الكلام تكفير أبي أيوب الأنصاري الذي ثبت أنه وضع جبهته على قبر الرسول، فرأه مروان بن الحكم فأخذ برقبته فالتفت إليه أبو أيوب فمضى مروان، فقال أبو أيوب : إني لم آتي الحجر وإنما أتيت رسول الله، إني سمعت رسول الله يقول : " لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن أبكوا عليه إذا وليه غير أهله"رواه الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه. فإذا كان وضع الوجه على القبر من أبي أيوب لم يستنكره أحد من الصحابة فماذا يقول ابن تيمية؟ هل يكفر أبا أيوب أم ماذا يفعل؟ ثم ماذا يفعل بنص الإمام أحمد الذي نقله ابنه عبد الله في كتابه " العلل ومعرفة " قال : سألتك – يعني سأل أباه الإمام أحمد – عن الرجل يمس منبر النبي – صلى الله عليه وسلم – ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله عز وجل فقال : لا بأس بذلك قال البهوتي : ولا بأس بلمسه – أي القبر – باليد وأما التمسح به والصلاة عنده أو قصده لأجل الدعاء عنده معتقد أن الدعاء هناك أفضل من الدعاء في غيره ، أو النذر له أو ذلك، وقال البهوتي ردا على ابن تيمية بل قال إبراهيم الحربي :" يستحب تقبيل حجرة النبي " والبهوتي حنبلي لكنه لما علم أن كلام ابن تيمية غير صحيح رده عليه، فأبطل بذلك دعوات إتفاق السلف على منع تقبيل القبر، وهو لم يدرك ابن تيمية وقد توفي البهوتي بعد الألف، قال صاحب " غاية المنتهى " الشيخ مرعي يوسف الحنبلي ما نصه " ولا بأس بلمس قبر بيد لا سيما من ترجى بركته" .


وقال السمهودي في" وفاء الوفا " ما نصه : لما قدم بلال رضي الله عنه من الشام لزيارة النبي – صلى الله عليه وسلم – أتى القبر فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه. وإسناده جيد .

ومن بدع الوهابية تحريمهم الصلاة في مسجد فيه قبر واحتجوا بحديث البخاري " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وفيه قول عائشة " ولولا ذلك لا برزوا قبره " تعني قبر رسول الله ، فالجواب عن احتجاجهم بهذا الحديث محمول على من يقصد الصلاة إلى القبر لتعظيمه وهذا يتصور إن كان بارزا غير مسطور وإلا فلا حرمة، وذلك بأن لا يقصد المصلى الصلاة إليه. أما مجرد وجود قبر في مسجد لم يقصد المصلي بالصلاة إليه فلا ينطبق عليه الحديث المذكور ولذلك نصت الحنابلة على أن الصلاة في المقبرة مكروهة ولا تحرم، والوهابية يدعون أنهم حنابلة وما أكثر ما يخالفون الإمام أحمد في الأصول والفروع، ويكفي في عدم حرمة الصلاة في مسجد فيه قبر قوله عائشة " ولولا ذلك لا برزوا" ولم يخالف في ذلك أحد من السلف والخلف، ولذلك يصلون في مسجد الرسول في الجهات الأربعة غربي القبر وأمامه وشرقيه وشماليه ، فمن صلى شمال القبر يكون متوجها إلى القبر لكن الحرمة والكراهية أنتفت لكون القبر مستورا، فالوهابية في تحريمهم المطلق خالفوا إجماع المسلمين فيكونون ظللوا الأمة وقد قال الفقهاء كالقاضي عياض وغيره:" من قال قولا يؤدي إلى تضليل الأمة فهو مجمع على الكفر : فليعرفوا ما يؤدي إليه كلامهم …

وجاء عن ابن تيمية الذي حرم السفر لزيارة قبر من قبور- قبر نبي أو غيره-، منهى عنه عند جمهور العلماء حتى أنهم لا يجوزون قصر الصلاة فيه بناء على أنه سفر الناس بمثل هذه المسألة. وقال أيضا ما نصه : " قالوا ولأن السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا أمر بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، فمن اعتقد ذلك عبادة وفعلها فهو مخالف السنة لإجماع الأئمة . وقال ما نصه: " فإذا من أعتقد أن السفر لقبور الأنبياء والصالحين قربة وعبادة وطاعة فقد خالف الإجماع، وإذا سفر لاعتقاده أن ذلك طاعة كان ذلك محرما بإجماع المسلمين، فصار التحريم من جهة اتخاذه قربة " أهـ .

قال تقي الدين الحصني ما نصه : " ومن الأمور المنتقد عليه قوله : زيارة قبر النبي وقبور الأنبياء معصية بالإجماع مقطوع بها، وهذا ثابت عنه أنه قاله، وثبت ذلك على يد القاضي جلال الدين القزويني، فانظر هذه العبارة ما أعظم الفجور فيها من كون ذلك معصية ومن أدعى الإجماع وأن ذلك مقطوعا به؟ ! فهذا الزائغ يطالب بما أدعاه من اجماع الصحابة رضي الله عنهم وكذا التابعون ومن بعدهم من أئمة المسلمين إلى حين ادعائه ذلك . وما اعتقد أي أحدا يتجاسر على مثل ذلك مع أن الكتب المشهورة بل المهجورة و عمل الناس في سائر الأمصار على الحث على زيارته من جميع الأقطار. فزيارته من أفضل المساعي وأنجح القرب إلى رب العالمين.

ولا يطعن فيها إلا من في قلبه مرض المنافقين، ومن هو من أفراخ اليهود وأعداء الدين، من المشركين الذين أسرفوا في ذم سيد الأولين والآخرين. ولم تزل هذه الأمة المحمدية على شد الرحال إليه على ممر الزمان من جميع الأقطاع والبلدان سار في ذلك الزرافات والوحدان، والعلماء والمشايخ والكهول والشبان، حتى ظهر في آخر الزمان مبتدع من زنادقة حران لبس على أشباه الرجال . أهـ .

وقال الشيخ بن حجر الهيتمي في كتابه " الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم " ما نصه : " فإن قلت كيف تحكي الإجماع السابق على مشروعية الزيارة والسفر إليها وطلبها، وابن تيمية من متأخري الحنابلة منكر لمشروعية ذلك بما تمجه الأسماع وتنفر عنه الطباع، بل زعم حرمة السفر لها إجماعا، وأنه لا تقصر فيه الصلاة، وأن جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعة، وتبعه بعض من تأخر عنه من أهل مذهبه؟ قلت : من هو ابن تيمية حتى ينظر إليه أو يعول في شيء من أمور الدين عليه ؟ وهل هو إلا كما قال جماعة من الأئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته كالعز بن جماعة: عبد أضله الله تعالى وأغواه، وألبسه رداء الخزي وأرداه، وبوأه من قوة الافتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان " أهـ .

وإما استدلاله بحديث : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى " لتحريم السفر لزيارة قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – فجوابه : أن أحدا من السلف لم يفهم ما فهمه ابن تيمية ، بل زيارة قبر الرسول سنة سواء كانت بسفر أو بغير سفر كسكان المدينة، والحنابلة قد نصوا كغيرهم على كون زيارة قبر النبي سنة سواء قصدت بالسفر لأجلها أو لم تقصد بالسفر لأجلها ، وأما الحديث فمعناه الذي فهمه السلف و الخلف أنه لا فضيلة زايدة في السفر لأجل الصلاة في المسجد إلا السفر إلى هذه المساجد الثلاثة لأن الصلاة تضاعف فيها إلى مائة ألف وذلك في المسجد الحرام وإلى ألف وذلك في مسجد الرسول وإلى خمسمائة وذلك في المسجد الأقصى، فالحديث المراد به السفر لأجل الصلاة ويبين ذلك ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده من طريق شهر بن حوشب من حديث أبي سعيد مرفوعا : " لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا " وهذا الحديث حسنه الحافظ ابن حجر وهو مبين لمعنى الحديث السابق، وتفسير الحديث بالحديث خير من تحريف ابن تمية …

"وجاء في التوسل في" كتاب خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى" للشيخ السمهودي

في توسل الزائر به - صلى الله عليه وسلم - إلى ربه تعالى واستقباله له في سلامه ودعائه وآداب الزيارة و المجاورة . التوسل و التشفع به -صلى الله عليه و سلم- وبجاهه و بركته من سنن المرسلين و سير السلف الصالحين و صحح الحاكم حديث لما اقترف ادم الخطيئة قال:يا رب أسألك بحق محمد -صلى الله عليه و سلم - لما غفرت لي فقال:يا آدم كيف عرفت محمدا و لم أخلقه قال :يا رب لأنك لما خلقتني بيدك و نفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله:صدقت يا ادم إنه لأحب الخلق إلي إذ سألتني بحقه فقد غفرت لك و لولا محمدا ما خلقتك -و للنساء والترمذي و قال حسن صحيح غريب.

وعن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي -صلى الله عليه و سلم - فقال :أدع الله لي أن يعافيني قال:إن شئت دعوت و إن شئت صبرت فهو خير لك قال:فادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوؤه و يدعو بهذا الدعاء (اللهم إني أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى اللهم شفعه في) و صححه البيهقي وزاد فقام و قد أبصر. وله و للطبراني عن عثمان بن حنيف أيضا أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة فكان لا يلتفت إليه و لا ينظر في حاجته فشكى ذلك لابن حنيف فقال له : آت الميضاء فتوضأ ثم آت المسجد فصل ركعتين ثم قل :اللهم إني أسألك و أتوجه إليك بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضي حاجتي و تذكر حاجتك, فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم أتى باب عثمان فجاءه البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة فقال :ما حاجتك؟ فذكر حاجته و قضاها له ثم قال ما ذكرت حاجتك حتى الساعة و ما كانت لك من حاجتك فاذكرها ثم خرج من عنده فلقي بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي حتى كلمته في،فقال ابن حنيف:و الله ما كلمته و لكني شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- و أتاه ضرير فشكي إليه ذهاب بصره فقال له النبي-صلى الله عليه و سلم-أو تصبر فقال:يا رسول الله إنه ليس لي قائد و قد شق علي فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-(الحديث)قال ابن حنيف فو الله ما تفرقنا و طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط.

و ذكر المحبوب أو المعظم قد يكون سببا في الإجابة و في العادة أن من توسل بالأعمال كما في الحديث الغار فالسؤال به-صلى الله عليه و سلم-أولى و لا فرق في ذلك بين التعبير بالتوسل أو الاستعانة أو التشفع أو التجوه أي التوجه به-صلى الله عليه و سلم-في الحاجة و قد يكون ذلك بمعنى طلب أن يدعو كما في حال الحياة إذ هو غير ممتنع مع علمه بسؤال من يسأله منه ما رواه البيهقي و ابن أبي شيبة بسند صحيح عن مالك الدار و كان خازن عمر-رضي الله عنه-قال:أصاب الناس قحط فجاء رجل إلى قبر النبي-صلى الله عليه و سلم-فقال:يا رسول الله أستسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فاتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال ائت عمر فأقرئه السلام واخبره إنهم مسقون وقل له عليك الكيس، الكيس ، فأتى الرجل عمر فاخبره فبكى عمر ثم قال: يا رب ما ألوا إلا ما عجزت عنه وبين سيف في الفتوح أن الذي رأى هذا المنام بلال بن الحرث احد الصحابة رضي الله عنه- وقال الإمام أبو بكر بن المقري كنت أنا و الطبراني و أبو الشيخ في حرم رسول الله - صلى الله عليه و سلم - وكنا في حالة وأثر فينا الجوع وواصلنا ذلك اليوم فلما كان وقت العشاء حضرت قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقلت يا رسول الله الجوع وانصرفت فنمت أنا وأبو الشيخ والطبراني جالس ينظر في شيء فحضر علوي معه غلامان مع كل واحد زنبيل فيه شيء كثير فجلسنا وأكلنا وترك عندنا الباقي وقال يا قوم أشكوتم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاني رايته في المنام فأمرني أن احمل بشيء إليكم .

وقال الشيخ الحريفيش في كتابه " الروض الفائق في المواعظ و الرقائق" قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي ومن لم يزر قبري فقد جفاني رواه الإمام علي كرم الله وجهه وقال - صلى الله عليه وسلم- من حج وزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي رواه عبد الله ابن عمرو رضي الله عنه.

وحكي العتبي رحمه الله تعالى قال: كنت عند قبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فرأيت أعرابيا اقبل على بعير له فنزل عنه ثم أتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال : السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا صفوة الله أنت الذي انزل الله عليك " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " وقد ظلمت نفسي وها أنا قد أتيتك استغفر من ذنبي فاشفع لي ثم انشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ****** فطاب من طيبهن القاع والاكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ****** فيه العفاف وفيه الجود والكرم

أنت النبي الذي ترجى شفاعته ****** عند الصراط إذا ما زلت القدم

صلى عليك اله العرش ما طلعت ****** شمس وحن إليك الضال والسلم


قال العتبي : ثم غلبني النوم فرأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: يا عتبي أدرك الأعرابي وبشره أن الله قد غفر له.

من مرجع آخر: ردا على ابن تيمية :

قال ابن تيمية في كتابه "التوسل"ما نصه: وأما الزيارة البدعة فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج أو يطلب منه الدعاء والشفاعة أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجوب الدعاء، فالزيارة على هذه الوجوه كله مبتدعة لم يشرعها النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا عند غيره وهي من جنس الشرك اهـ. وقال في كتاب أخر ما نصه:

وأما الزيارة المبتدعة التي هي من جنس الشرك وأسباب الشرك اهـ .

وقال في كتاب أخر ما نصه :"وأما الزيارة المبتدعة التي هي من جنس زيارة المشركين ما نصه فمقصودهم بها طلب الحوائج من الميت أو الغائب ". وقال في كتاب التوسل و الوسيلة ما نصه :"ولهذا لما ذكر العلماء الدعاء في الاستسقاء وغيره ذكروا الصلاة عليه ولم يذكروا فيما شرع المسلمين في هذا الحال التوسل به. كما لم يذكر أحد من العلماء دعاء غير الله والاستعانة المطلقة بغيره في حال من الأحوال)) أهـ.

ثم نقض ابن تيمية نفسه فذكر في فتاويه ما يخالف ما أدعاه من أن العلماء لم يذكروا فيما شرع للمسلمين في الاستسقاء في غيره التوسل به .

فقال ما نصه :" ولذلك قال احمد في منسكه الذي كتبه للمروزي صاحبه: انه يتوسل بالنبي- صلى الله عليه وسلم- في دعائه، ولكن غير احمد قال: أن هذا إقسام على الله به ولا يقسم على الله بمخلوق واحمد في احدى الروايتين قد جوز القسم به فلذلك جوز التوسل به".

فهو كما تبين يتقول على الأئمة وذلك عادة له. فقد خالف الإمام احمد والإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي....

وقال السبكي في شفاء السقام ما نصه: اعلم انه يجوز و يحسن التوسل و الاستعانة والتشفع بالنبي- صلى الله عليه وسلم- إلى ربه سبحانه وتعالى، وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر احد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الأزمان حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الاغمار وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار.

وقال الشيخ ابن حجر الهيثمي في مبحث سن زيارة الرسول- صلى الله عليه وسلم - ما نصه: ولا يغتر بإنكار ابن تيمية لسن زيارته- صلى الله عليه وسلم - فانه عبد أضله الله كما قاله العز بن جماعة

  • وأطال في الرد عليه التقي السبكي في تصنيف مستقبل، ووقوعه في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليس بعجب فإنه وقع في حق الله سبحانه و تعالى عما يقول الظالمون و الجاحدون علوا كبيرا. فنسب إليه العظائم كقوله إن لله تعالى جهة ويد ورجلا و عينا وغير ذلك من القبائح الشنيعة، ولقد كفره كثير من العلماء. عامله الله بعدله وخذل متبعيه الذين نصروا ما افتراه على الشريعة الغراء" اهـ .

- وهو إبن تيمية يحرم التوسل و الإستعانة برسول الله وغيره من الأنبياء والأولياء واخذ منه ذلك محمد بن عبد الوهاب وأتباعه وزادوا التكفير بما فهموه من تعبيراته والذي أدى بهم إلى ذلك هو جهلهم بمعنى العبادة الواردة في نحو قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين" سورة الفاتحة. وقوله تعالى حكاية عن المشركين :" ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" سورة الزمر / نقول لهم: العبادة في لغة العرب الطاعة مع الخضوع، وقال الإمام اللغوي أبو القاسم الراغب الأصبهاني في مفردات القرآن:"العبادة غاية التذلل" ، وقال الإمام الحافظ الفقيه اللغوي المفسر علي بن عبد الكافي السبكي في تفسيره لقوله تعالى: " إياك نعبد "(سورة الفاتحة)أي نخصك بالعبادة التي هي أقصى غاية الخشوع و الخضوع. وكذلك جهل هؤلاء بمعنى الدعاء الوارد في القرآن في مواضع كقوله تعالى:"يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه" (سورة الحج). وقوله تعالى: " ومن أضل ممن يدعو من دون الله لا يستجاب له"(سورة الأحقاف) ظنوا أن هذا الدعاء هو مجرد النداء ولم يعلموا أن معناه العبادة التي هي غاية التذلل، فإن المفسرين قد أطبقوا على أن ذلك الدعاء هو عبادتهم لغير الله على هذا الوجه، ولم يفسره أحد من اللغويين و المفسرين بالنداء، لذلك صار هؤلاء يكفرون من يقول : يا رسول الله، أو يا أبا بكر، أويا علي أو يا جيلاني، أو نحو هذا في غير حضورهم في حياتهم وبعد وفاتهم، ظنا منهم أن هذا النداء هو عبادة لغير الله، هيهات هيهات، ألم يعلم هؤلاء أن القرآن والحديث لا يجوز تفسيرهما بما لا يوافق اللغة و ماذا يقول هؤلاء فيما رواه البخاري في الأدب المفرد عن ابن عمر أنه خدرت رجله فقيل له: أذكر أحب الناس إليك، فقال: يا محمد، فهل يكفرونه لهذا النداء أم ماذا يفعلون و ماذا يقولون في إ يراد البخاري لهذا هل يحكمون عليه أنه وضع في كتابه الشرك ليعمل به ؟...

قال الكوثري في تعليقه على السيف الصقيل ما نصه (( وقد بلغ بالناظم وشيخه الغلو في هذا الصدد إلى حد تحريم شد الرحل لزيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعد السفر لأجل ذلك معصية لا تقصر فيه الصلاة )) فأصدر الشاميون فتوى في ابن تمية وكتب عليها البرهان بن

الفركاح الفزاوي نحو أربعين سطرا بأشياء إلى أن قال بتكفيره ووافقه على ذلك الشهاب بن جهبل، وكتب تحت خطه كذلك المالكي ثم عرضت الفتيا على قاضي قضاة الشافعية بمصر البدر ابن جماعة فكتب على ظاهر الفتوى الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قوله: إن زيارة الأنبياء والصالحين بدعة وما ذكره من نحو ذلك، وأنه لا يرخص بالسفر لزيارة الأنبياء باطل مردود عليه، وقد نقل جماعة من العلماء أن زيارة النبي- صلى الله عليه وسم- فضيلة وسنة مجمع عليها. وهذا المفتي المذكور يعني أبن تمية ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوي الباطلة عند الأئمة والعلماء، ويمنع من الفتاوي الغريبة ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك ويشهر أمره ليتحفظ الناس من الإقتداء به، وكتبه محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الشافعي )) أهـ .

وهذا دأب ابن تيمية لمن عرفه يطعن في الأحاديث الصحيحة التي على خلاف هواه، حتى أنه رد مؤاخاة النبي- صلى الله عليه وسلم- بينه وبين علي وقد ثبت ذلك، فلا يلتفت إلى كلام ابن تيمية هذا وأمثاله إلا من أبتلى بمثل بليته من فساد االإعتقاد والانحراف عن علي رضي الله عنه، فهو في الحقيقة ناصبي وإن كان في الظاهر يذم الناصبة.

وليذكر لنا أين ذكر كلام السلف الذين افترى عليهم وقولهم ما لم يقولوا، وهذا من عاداته ينسب إلى السلف ما لم يقول لتأييد هواه ومن دون تسمية كما أدعى اتفاق السلف على أن قصد القبور للدعاء عندها رجاء الإجابة بدعة قبيحة، مع أن هذا كان عمل السلف كما يعلم ذلك من تتبع تراجم السلف وسيرتهم. فهذا شأن ابن تيمية فإنه يحتج بالحديث الموضوع الذي يوافق هواه ويحاول أن يصححه، ويضعف الأحاديث والأخبار الثابتة المتواترة التي تخالف رأيه وعقيدته، حتى قال فيه تلميذه الذهبي في رسالة أرسلها له على شكل نصيحة بعد كلام طويل ما نصه:

" .... إلى كم تمدح كلامك بكيفية لا تمدح بها و الله أحاديث الصحيحين، يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار أو بالتأويل و الإنكار، أما آن لك أن ترعوي، أما حان أن تتوب و تنيب .... "(1) أهـ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر النصيحة الذهبية طبعة دمشق سنة 1347هـ.

وهذا لا يستغرب صدوره من رجل بلغ سموم الفلاسفة و مصنفاتهم كما نعته الذهبي ....

وقال ابن شاكر الكتبي : " وفي سادس من شعبان قدم البريدي من الديار المصرية وعلى يده مرسوم سلطاني باعتقال الإمام العلامة تقي الدين ابن تيمية، فحضر ناصر الدين مشد الأوقاف و الأمير بدر الدين بن الخطيب الحاجب إلى عند الشيخ تقي الدين وأخبروه بصورة الحال، فقال في هذا خير كثير، وأحضروا له مركوبا، فركب معهم إلى قلعة دمشق فأخليت له دار يجري إليها الماء وكان من جملة المرسوم أن يكون معه ولد أو أخ أو خادم يخدمه وأن تجرى عليهم كفايتهم، فاختار أخوه زين الدين عبد الرحمن المقام معه لخدمته. وكان السبب في ذلك أنه أفتى فتيا وذكر فيها: لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاتة مساجد-الحديث المشهور- وأن زيارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة و السلام لا تشد إليها الرحال كقبر إبراهيم وقبر محمد النبي - صلى الله عليه وسلم- واتفق أن شمس الدين ابن قيم الجوزية سافر إلى القدس الشريف ورقى في الحرم على منبر وعظ، وفي أثناء وعظه ذكر هذه المسالة وقال: ها أنا من ههنا أرجع ولا أزور الخليل، وجاء إلى نابلس وعمل له مجلس وعظ وذكر المسألة بعينها حتى أنه قال: ولا يزار قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مسجده، فقاموا عليه الناس فحماه منهم والي البلد وكتبوا أهل القدس ونابلس إلى دمشق بصورة ما وقع من المذكور وما صدر منه، فطلب القاضي المالكي فتودد فصعد إلى الصالحية إلى قاضي القضاة شمس الدين بن مسلم،

وتاب وأسلم على يده فقبل توبته وحكم بإسلامه وحقن دمه، ولم يعزره لأجل الشيخ تقي الدين بن تيمية، لكونه أول من تكلم في هذه المسألة فكتب عليها الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين نحو أربعين سطرا بأشياء كثيرة يقولها و يفتي بها وآخر القول أفتى بتكفيره ووافقه شهاب الدين ابن جهبل الشافعي وكتب تحت خطه كذلك الصدر المالكي و غيرهم... إلى أن قال وذكروا أي القضاة والعلماء أن الذي أفتى به ابن تيميه.

في ذلك خطأ ومردود عليه وحكموا بزجره وحبسه وطول سجنه ومنعه من الفتاوى مطلقا...وجاء أيضا في كتاب" تعريف الخلف برجال السلف" في ترجمة عبد الرحمن وعيسى أبنا الإمام الشريف التلمساني ما يلي : ولما استحكم ملك أبي تشفين واستوثق، رحل الفقيهان إلى المشرق في حدود العشرين وسبع مئة، فلقيا علاء الدين القونوا ... ولقيا جلال الدين القزويني صاحب (( البيان)) وسمع (( صحيح البخاري)) على الحجاري، وناظرا تقي الدين ابن تمية وظهرا عليه. وكان ذلك من أسباب محنته، وكانت له مقالات فيما يذكر، وكان شديد الإنكار على الإمام فخر الدين، حدثني شيخي العلامة أبو عبد الله الإبلي أن عبد الله بن إبراهيم الزموري أخبره أنه سمع ابن تيمية ينشد لنفسه:

محصل في أصول الدين حاصله ****** من بعد تحصيله علم بلا دين

أضل الضلالة والإفك المبين فما ****** فيه فأكثر وحي الشياطين

قال : وكان في يده قضيب فقال : والله لو رأيته لضربته بهذا القضيب، هكذا ثم رفعه ووضعه.

ما جاء في التبرك بآثار النبي - صلى الله عليه وسلم -

أعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتبركون بآثار النبي - صلى الله عليه وسلم- في حياته وبعد مماته، ولا زال المسلمون بعدهم إلى يومنا هذا على ذلك ، وجواز هذا الأمر من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- قسم شعره حين حلق في حجة الوداع وأظفاره.

أما اقتسام الشعر فأخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس وأحمد من حديث عبد الله ابن زيد، ففي لفظ مسلم عنه قال: لما رمى - صلى الله عليه وسلم - الجمرة ونحر نسكه وحلق، ناول الحالق شقه الأيمن فحلق، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه، ثم ناوله الشق الأيسر فقال : (( أحلق)) فحلق فأعطاه أبا طلحة فقال : (( أقسم بين الناس)) ... فقسم - صلى الله عليه وسلم - شعره ليتبركوا به وليستشفعوا إلى الله بما هو منه، ويتقربوا بذلك إليه، وليكن بركة باقية بينهم وتذكرة لهم، ثم تبع الصحابة في خطتهم في التبرك بآثاره - صلى الله عليه وسلم- من أسعده الله، وتوارد ذلك الخلف عن السلف، فلو كان التبرك به في حال الحياة فقط لبين ذلك.

وخالد بن الوليد رضي الله عنه كانت له قلنسوة وضع في طيها شعرا من ناصية رسول الله أي مقدم رأسه لما حلق في عمرة الجعرانة، وهي أرض بعد مكة إلى جهة الطائف فكان يلبسه يتبرك بها في غزواته، روى ذلك الحافظ بن حجر في المطالب العالية... وعزاه الحافظ لأبي يعلى. وأما الأظفار فأخرج الإمام أحمد في مسنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلم أظفاره وقسمها بين الناس... أما أبن تيمية فقد طغى قلمه فزاغ عن الصواب إلى تكفير المسلمين بذلك ومن تتبع تراجم المحدثين أو الصالحين دفن ببلد كذا وأنه يزار قبره وتستجاب الدعوة عنده، ومن ذلك ما ذكره الحافظ ابن عساكر : (( ودفن بنيسابور وقبره يزار وتجاب الدعوة عنده)) وقال إبراهيم الحربي (( وقبر معروف الترياق المجرب )) ... أما ما جاء في انحرافه عن سيدنا علي كرم الله وجهه فهي كثيرة، منها ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة أن ابن تيمية خطأ أمير المؤمنين عليا كرم الله وجهه في سبعة عشر موضعا خالف فيها نص الكتاب وأن العلماء نسبوه إلى النفاق لقوله هذا في علي -كرم الله وجهه-، ولقوله أيضا فيه: أنه كان مخذولا، وأنه قاتل للرئاسة لا للديانة إلى آخر ما قال ...

وجاء في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض عليا فقد أبغضني " . يقول ابن تيمية في منهاجه بعد أن ساق عدة أحاديث منها هذا الحديث ما نصه : فالعشرة الأولى كلها كذب . قلت : بل الحديث حسن ، أخرجه الطبراني في الكبير عن أم سلمة قالت : أشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله " . قال الحافظ الهيثمي بعد إيراده للحديث : و إسناده حسن و رواه الحاكم في المستدرك وصححه عن سلمان قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض عليا فقد أبغضني - وابن تيمية ينطبق عليه (ومن أبغض عليا فقد أبغضني) وكفاه بهذا خزيا .

فهذا جماعة من الأحاديث التي وردت في فضل علي -رضي الله عنه - طعن فيها ابن تيمية، فظهر بذلك أن تجره على هذا الأمر أداه إليه بغضه لعلي ، وإذا انظم هذا إلى ما قدمنا من قول : " إ ن القتال مع عليا ليس واجبا ولا مستحبا " وهذا من أكبر الجرح و الطعن في علي رضي الله عنه ، فقوي ظن بغضه له ، فينطبق عليه الحديث الذي رواه أحمد في مسنده (من سب عليا فقد سبني ) وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

وينطبق عليه حديث مسلم أن عليا رضي الله عنه قال : (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق) . وهذه عقوبة من الله لإبن تيمية - وأما قوله عند ذكر علي في مواضع من منهاجه (رضي الله عنه ) تستر مكشوف، فقد ظهر بغضه لعلي ظهور الشمس في رابعة النهار ، والبغض نوعان : بغض خالص ظاهر لا تستر فيه ، وبغض يخالطه تستر،والأول كبغض الخوارج ، والصنف الثاني هو بغض ابن تيمية لعلي - رضي الله عنه –

تنبيـــــــــــــــــــــــه :

مما يزيد على ما ذكرناه تأكيدا أن ابن تيمية لا يعتمد على تصحيحه و تضعيفه للأحاديث ، و أنه يصحح ما وافق هواه ولو كان ضعيفا فضلا عن كونه موضوعا .

وإننا نتحدى من يتعصب لكلام ابن تيمية على الإتيان بنقل صحيح من إمام من السلف أو الخلف حرم زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - للتبرك والتوسل به في حياته أو بعد مماته .

ولن يجدوا ذلك . ولهذا خالف ابن كثير شيخه ابن تيمية ، في مسألة التوسل وكان يتبعه في مسائل الطلاق فعذب لذلك، فطرح في تفسيره باستحسان التوسل بالنبي بعد موته والاستغاثة
به ، كما ذكر ذلك في تاريخه البداية و النهاية في ترجمة عمر بن الخطاب وفي فتاوى شمس الدين الرملي ما نصه : (سئل عما وقع من العامة من قولهم عند الشدائد : يا شيخ فلان ، يا رسول الله ونحو ذلك من الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء و العلماء و الصالحين و المشايخ إغاثة بعده فأجاب : بأن الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين و الأولياء و العلماء والصالحين جائزة ، وللرسل والأنبياء و الأولياء والصالحين إغاثة بعد موتهم ، لأن معجزة الأنبياء و كرامات الأولياء لا تنقطع بموتهم ، أما الأنبياء فلأنهم أحياء في قبورهم يصلون و يحجون كما وردت به الأخبار ، وتكون الإغاثة منهم معجزة لهم وأما الأولياء فهي كرامة لهم فإن أهل الحق على أنه يقع من الأولياء بقصد أو بغير قصد أمور خارقة للعادة يجريها الله تعالى بسببهم) اهـ .

- و أما الألباني الذي تبع ابن تيمية في منهاجه ويسمونه " بمجدد العصر " هيهات .... وأن محاولة الألباني لتضعيف الأحاديث الصحيحة لا عبرة بها ، لأن الألباني محروم من الحفظ الذي هو شرط التصحيح و التضعيف عن أهل الحديث وقد اعترف في بعض المجالس بأنه ليس محدث حفظ بل قال : أنا محدث كتاب ، وذلك بعد أن سأله محامي سوري : يا أستاذ أنت محدث ، فقال نعم ، فقال له : أتسرد لي عشرة أحاديث بأسانيدها ، فأجابه الألباني : لا ، أنا محدث كتاب ، فأجابه المحامي : إذن أنا أستطيع أن أفعل ذلك . فخجله . فليعلم هو ومقلدوه أن تصحيحهم و تضعيفهم لغو في قانون أهل الحديث ولا اعتبار له فليتوبوا إلى الله، فإن كان الرياء، ساقهم إلى ذلك فهو من الكبائر.

وأختم هذا الموضوع بما جاء في كتاب "فقه السيرة " لرمضان البوطي . ص 188 في باب التوسل ورد على الألباني :

قال: أما الصورة التي رأيناها في مقامه - صلى الله عليه وسلم - عند أبي أيوب الأنصاري في منزله فتكشف لنا مظهر آخر من محبة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- له. والذي يهمنا من ذلك هنا هو التأمل في تبرك أبي أيوب وزوجه بآثار أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصعة الطعام . حينما كان يرد عليهما فضل طعامه . إذا فالتبرك بآثار النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر مشروع قد أقره . وقد روى البخاري و مسلم صورا كثيرة أخرى من تبرك الصحابة بآثار النبي - صلى الله عليه وسلم - بها للاستشفاء أو العناية والتوفيق وما شابه ذلك . من ذلك ما رواه البخاري في كتاب اللباس . (في باب) ما يذكر في الشيب من أن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تحتفظ بشعرات من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - في جلجل لها (ما يشبه القارورة يحفظ فيه ما يراد صيانته ) فكان إذا أصاب أحدا من الصحابة عين أو أذى أرسل إليها إناء فيه ماء . فجعلت الشعرات في الماء . ثم أخذوا الماء يشربونه توسلا للاستشفاء و التبرك به . ومن ذلك ما رواه مسلم في كتاب الفضائل في باب طيب عرقه - صلى الله عليه وسلم - أنه عليه الصلاة والسلام كان يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها و ليست هي في البيت .

فجاء ذات يوم فنام على فراشها فجاءت أم سليم وقد عرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش ففتحت عتيدتها فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها . فأفاق النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما تصنعين يا أم سليم ؟ فقالت يا رسول الله، نرجو بركته لصبياننا . قال : أصبت . ومن ذلك ما جاء في الصحيحين من استباق الصحابة إلى فضل وضوئه - عليه الصلاة والسلام - و التبرك بالكثير من آثاره كألبسته و القدح الذي كان يشرب فيه.

فإذا كان هذا شأن التوسل بآثاره المادية. فكيف بالتوسل بمنزلته عند الله عز و جل وكيف بالتوسل بكونه رحمة للعالمين . ولا يذهبن بك الوهم إلى أننا نقيس التوسل على التبرك. وأن المسألة لا تعدوأن تكون استدلالا بالقياس . فإن التوسل والتبرك كلمتان تدلان على معنى واحد وهو التماس الخير و البركة عن طريق المتوسل به. وكل من توسل بجاهه - صلى الله عليه وسلم - عند الله والتوسل بآثاره أو فضلاته أو ثيابه . أفراد و جزئيات داخلة تحت نوع شامل هو مطلق التوسل الذي ثبت حكمه بالأحاديث الصحيحة . وكل الصور الجزئية له يدخل تحت عموم النص عن طريق ما يسمى (تنقيح المناط) عند علماء الأصول.

وجاء في الهامش من نفس الكتاب: يرى الشيخ ناصر الدين الألباني أن مثل هذه الأحاديث لا فائدة منها في هذا العصر. ذكر ذلك في نقد له على أحاديث كان قد انتقاها الأستاذ محمد المنتصر الكتاني لطلاب كلية الشريعة.

ونحن نرى أن هذا كلام خطير ما ينبغي أن يتفوه به مسلم. فجميع أقوال الرسول وأفعاله و إقراراته تشريع . و التشريع باق مستمر إلى يوم القيامة ما لم ينسخه كتاب ولا سنة مثلها فمضمونها التشريعي باق إلى يوم القيامة. ومعنى ذلك أنه لا مانع من التوسل و التبرك بآثار النبي - عليه الصلاة والسلام - فضلا عن التوسل بذاته وجاهه عند الله تعالى . وأن ذلك ثابت و مشروع مع الزمن . فكيف يقال مع ذلك إنه لا فائدة منها في هذا العصر ؟..

أكبر الظن أن السبب الذي ألغى فائدتها بنظر الشيخ الألباني. أنها تخالف مذهبه في التوسل. غير أن ذلك وحده لا يكفي موجبا لنسخها و انتهاء فائدتها كما هو معلوم....

وهذه صورة استتابة ابن تيمية

وقد استتيب مرات وهو ينقض مواثيقه وعهوده في كل مرة حتى حبس بفتوى من القضاة الأربعة الذين أحدهم شافعي والآخر مالكي ، و الآخر حنفي و الآخر حنبلي وحكموا عليه بأنه ضال يجب التحذير منه كما قال ابن شاكر الكتبي في عيون التواريخ وهو من تلامذة ابن تيمية ....

وهذه إستتابته منقولة من خط يده كما هي مسجلة في كتاب نجم المهتدي وعليها توقيع العلماء ونصها : " الحمد لله اعتقده أن في القرآن معنى قائم بذات الله وهو صفة من صفات ذاته القديمة الأزلية وهو غير مخلوق ، وليس بحرف ولا صوت ، وليس هو حالا في مخلوق أصلا ولا ورق و لا حبر و لا غير ذلك ، والذي اعتقده في قوله : (الرحمن على العرش استوى) "سورة طه " أنه على ما قال الجماعة الحاضرون وليس على حقيقته وظاهره كما قال الجماعة الحاضرون وكل ما يخالف هذا الاعتقاد فهو باطل ، وكل ما في خطي أو لفظي مما يخالف ذلك فهو باطل ، وكل ما في ذلك مما فيه إضلال الخلق أو نسبة ما لا يليق بالله إليه فأنا برئ منه فقد تبرأت منه وتائب إلى الله من كل ما يخالفه . كتبه أحمد ابن تيمية وذلك يوم الخميس سادس شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعمائة .

وكل ما كتبته وقلته في هذه الورقة فأنا مختار في ذلك غير مكره. كتبه أحمد ابن تيمية حسبنا الله ونعم الوكيل .)

وخلاصة القول : أن كل ما ذكرته فهو ثابت وذلك باتفاق كل العلماء ، ما عدا ابن تيمية و محمد ابن عبد الوهاب ، وليس من المعقول بأن الشيخ المكي بن عزوز يترك الجماعة و يتبع ضلالة ابن تيمية و تلميذه و هذه تسمى " بأكذوبة العصر " ، ومهما بلغ حجم الافتراء فلن تصلوا إلى هدفكم الرامي إلى تشتيت صفوف الصوفية و تشويه صورتها ، و إلا فما هو الداعي لبث على شبكة الانترنت مثل هذه الأوهام الباطلة ، أوهام من ورائها زرع الفتن و الإساءة للأموات قال- صلى الله عليه وسلم- : " الفتنة أشد من القتل " كما أعلمكم بأن الشيخ المكي خلف ابنه الشيخ الكامل على رأس الطريقة الرحمانية الخلوتية العزوزية حيث أنشأ عدة زوايا . و أحدث أول مدرسة بمدينة عين البيضاء و تتلمذ عليه الشاعر الجزائري محمد العيد آل خليفة . وكان يعطي دروسا في الزّاوية القادريّة ، أخبرني بهذا شيخي أبوبكر حار الله كما أفادني بأن الشيخ المكي عندما كان يزور مدينة عين البيضاء يلقي دروسه الشيّقة في نفس الزاوية .

وكان الشيخ الكامل مضايق من طرف الإستعمار الفرنسي إلى أن نفاه من عين البيضاء لمدة سنة ، فذهب إلى العاصمة حيث التقى بالشيخ الحفناوي صاحب كتاب " تعريف الخلف برجال السلف " ، وذكره في كتابه في ترجمة ابن أبي القاسم الديسي المعروف بابن عروس فقال : وإلى الوالد رحمه الله يرجع من جهة الأم نسب الشيخ المكي ابن سيدي مصطفى ابن عزوز دفين نفطه ، لأن أمه السيدة آمنة بنت المترجم رضي الله عن جميعهم ، والشيخ المكي من أبطال العلم و صناديد العمل الصالح ، وله شهرة طائرة في البر الجزائري و التونسي ....

إلى أن قال : وترك إبنيه الكامل و مصطفى ، وقد اجتمعت بالأول في الجزائر و توسمت فيه أنه نسخة من والده ، إلا أنه ظهرت فيه سجية من سجايا خال أبيه وهي وزن الأقوال و الأحوال بميزان الإعتبار ، والجواب بكلمة من كلمات و التنقيب عن الحقيقة أطال الله عمره ومتعنا بحياته وحياة أبيه آمين .

ولما رجع الشيخ الكامل إلى مدينة عين البيضاء واصل نشاطه إلى أن وافاه الأجل إثر حادث وذلك سنة 1929 - رحمه الله تعالى .

هذا الرد من حفيد الشيخ المكي بن عزوز السيد محمد الكامل بن عبد الرحمان بن الكامل بن عزوز الجزائري .

إتصل بالمؤلف و علق على هذا الرد : maher45@live.com


 
قبل كل شيء
حياة الهادى البشير
 أهل البيت عليهم السلام
التاريخ الإسلامي
الخلفاء الراشدين
ابو بكر الصديق
عمر بن الخطاب
عثمان بن عفان
على بن أبى طالب
جعفر الصادق
الأئمة الأربعة
أركان الإسلام
مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم
دعوات قرآنية





















 
 
Ben Azzouz  

جميع حقوق النشر محفوظة© لعائلة بن عزوز